للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن عِمْرَان بن حُصين قال: كانت العضباء لرجل من بني عقيل، وكانت من سوابق الحاجِّ، [فأسر الرجل] (١)، فأخذت العضباء معه. قال: فمرَّ به رسول اللّه وهو في وثاق، ورسول اللّه على حمار عليه قطيفة فقال: يا محمد، علام تأخذوني وتأخذون سابقة الحاجّ؟ فقال رسول اللّه : "نأخذك بجريرة حلفائك ثقيف". قال: وكانت ثقيف قد أسروا رجلين من أصحاب النبي . وقال فيما قال: وإني مسلم. فقال رسول اللّه : "لو قلتها وأنت تملك أمرك، أفلحت كلَّ الفلاح". قال: ومضى رسول اللّه فقال: يا محمد، إني جائع فأطعمني، وإني ظمآن فاسقني. فقال رسول اللّه : "هذه حاجتك". ثم فدي بالرجلين، وحبس رسول اللّه العضباء لرحله. قال: ثم إن المشركين أغاروا على سرح المدينة، فذهبوا [به]، وكانت العضباء فيه، قال: وأسروا امرأة من المسلمين. قال: وكانوا إذا نزلوا أراحوا إبلهم بأفنيتهم. قال: فقامت المرأة ذات ليلة بعد ما نوَّموا، فجعلت كلما أتت على بعير رغا حتى أتت على العضباء، فأتت على ناقة ذلول مجرَّسة (٢) فركبتها، ثم وجّهتها قبل المدينة. قال: ونذرت إنِ اللّهُ أنجاها عليها لتنحرنَّها، فلمَّا قدمت المدينة عرفت الناقة، فقيل: ناقة رسول اللّه . قال: وأُخبر رسول الله بنذرها، أو أتته فأخبرته، فقال: "بئس ما جزيتها" أو: "بئس ما جزتها أن أنجاها اللّه عليها لتنحرنَّها". قال: ثم قال رسول الله : "لا وفاء لنذر في معصية اللّه، ولا فيما لا يملك ابن آدم".

ورواه مسلم (٣)، عن أبي الرَّبيع الزَّهراني، عن حمَّاد بن زيد، به.

قال ابن إسحاق (٤): وكان مما قيل من الأشعار في غزوة ذي قَرَد قول حسان بن ثابت، (٥): [من الكامل]

لولا الذي لاقت ومسَّ نُسورها … بجنوب سايةَ أمس فى التَّقوادِ

للقينكم يحملن كلَّ مدجَّج … حامي الحقيقة ماجدِ الأجدادِ

ولسرَّ أولاد اللَّقيطة أننا … سِلْم غداة فوارس المقدادِ

كنّا ثمانية وكانوا جحفلًا … لجِبًا فشُكُوا بالرِّماح بدادِ

كنا من القوم الذين يلونهم … ويقدِّمون عنان كلِّ جوادِ

كلَّا وربِّ الراقصات إلى منى … يقطعن عرض مخارم الأطوادِ

حتى نبيل الخيل في عرصاتكم … ونؤوب بالملَكات والأولادِ

رهوًا بكلِّ مقلَّص وطِمرَّة … في كلِّ معترك عطفن ووادِ


(١) ما بين الحاصرتين لم يرد في (آ) و (ط) واستدركته من "مسند الإمام أحمد".
(٢) أي: مدربة في الركوب.
(٣) في "صحيحه" رقم (١٦٤١).
(٤) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٢٨٥).
(٥) الأبيات في "ديوان حسَّان بن ثابت" (١/ ٢٧٦) مع بعض الخلاف في ألفاظها.