للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإنِّي أخشى أن تأمر [به غيري] فيقتله، فلا تدعني نفسي أن أنظر إلى قاتل عبد اللّه بن أبيٍّ يمشي في الناس، فأقتله، فأقتل مؤمنًا بكافر، فأدخل النار. فقال رسول اللّه : "بل نترفَّق به، ونحسن صحبته ما بقي معنا".

وجعل بعد ذلك إذا أحدث الحدث؛ كان قومه هم الذين يعاتبونه، ويأخذونه ويعنِّفونه، فقال رسول اللّه لعمر بن الخطَّاب، حين بلغه ذلك من شأنهم: "كيف ترى يا عمر، أما واللّه لو قتلتُه يوم قلت لي: اقتُله. لأرعدت له آنُف، لو أمرتها اليوم بقتله لقتلته". فقال عمر: قد واللّه علمت؛ لأمر رسول الله أعظم بركة من أمري.

وقد ذكر عكرمة، وابن زيد، وغيرهما، أنَّ ابنه عبد اللّه، ، وقف لأبيه عبد اللّه بن أُبي ابن سلول عند مضيق المدينة فقال: قف، فوالله لا تدخلها حتى يأذن رسول الله في ذلك، فلمَّا جاء رسول الله استأذنه في ذلك، فأذن له، فأرسله حتى دخل المدينة.

قال ابن إسحاق (١) وأُصيب يومئذ من بني المُصْطَلق ناس، وقتل عليُّ بن أبي طالب منهم رجلين؛ مالكًا وابنه.

قال ابن هشام (٢): وكان شعار المسلمين: يا منصور، أَمِتْ أَمِتْ.

قال ابن إسحاق (٣): وكان رسول اللّه أصاب منهم سبيًا كثيرًا، فقسمهم في المسلمين.

وقال البخاريُّ (٤): ثنا قتيبة بن سعيد، أخبرني إسماعيل بن جعفر، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن محمد بن يحيى بن حبَّان، عن ابن محيريز، أنَّه قال: دخلت المسجد فرأيت أبا سعيد الخُدري فجلست إليه، فسألته عن العزل، فقال أبو سعيد: خرجنا مع رسول الله في غزوة بني المصطلق، فأصبنا سَبْيًا من سبي العرب، فاشتهينا النساء، واشتدَّت علينا العُزُوبة، وأحببنا العزل، وقلنا: نعزل ورسول اللّه بين أظهرنا، قبل أن نسأله. فسألناه عن ذلك فقال: "ما عليكم أن لا تفعلوا، ما من نسمة كائنة إلى يوم القيامة إلَّا وهي كائنة" وهكذا رواه (٥).

قال ابن إسحاق (٦): وكان فيمن أُصيب يومئذ من السَّبايا جُويرية بنت الحارث بن أبي ضرار، فحدَّثني محمد بن جعفر بن الزُّبير، عن عُروة، عن عائشة قالت: لمَّا قسم رسول الله سبايا بني


(١) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٢٩٤).
(٢) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٢٩٤).
(٣) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٢٩٤).
(٤) رواه البخاري رقم (٤١٣٨).
(٥) يعني البخاري في كتاب المغازي من "صحيحه" ورواه بمواضع أخرى من "صحيحه" بألفاظ أخرى مختلفة عن ألفاظ روايته هذه.
(٦) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٢٩٤).