للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالوالد؟ قالوا: بلى. قال: أولست بالولد؟ قالوا: بلى. قال: فهل تتَّهموني؟ قالوا: لا. قال: ألستم تعلمون أني استنفرت أهل عكاظ، فلمَّا بلّحوا عليّ جئتكم بأهلي وولدي ومن أطاعني؟ قالوا: بلى. قال: فإنَّ هذا قد عرض لكم خطّة رشد اقبلوها ودعوني آته. فقالوا: ائته. فأتاه، فجعل يكلِّم النَّبِيّ ، فقال النبي نحوًا من قوله لبديل، فقال عروة عند ذلك: أي محمد، أرأيت إن استأصلت أمر قومك، هل سمعت [بأحد] من العرب اجتاح أهله قبلك؟ وإن تكن الأخرى، فإني والله لا أرى وجوهًا، [وإني لأرى] أشوابًا من الناس خليقًا أن يفزوا ويدعوك. فقال له أبو بكر: امصص بظر اللَّات، أنحن نفرّ عنه وندعه؟ قال: من ذا؟ قالوا: أبو بكر. قال: أما والذي نفسي بيده لولا يد كانت لك عندي لم أجزك بها، لأجبتك. قال: وجعل يكلّم النَّبِيّ ، فكلما تكلّم أخذ بلحيته، والمغيرة بن شعبة قائم على رأس رسول اللّه ، ومعه السيف وعليه المغفر، فكلما أهوى عروة بيده إلى لحية رسول الله ضرب يده بنعل السيف، وقال [له]: أخّر يدك عن لحية رسول اللّه . فرفع عروة رأسه فقال: من هذا؟ قالوا: المغيرة بن شعبة. فقال: أي غدر، ألست أسعى في غدرتك؟ وكان المغيرة بن شعبة صحب قومًا في الجاهلية فقتلهم وأخذ أموالهم، ثم جاء فأسلم، فقال النبي : "أمَّا الإسلام فأقبل، وأمَّا المال فلست منه في شيء". ثم إن عروة [جعل] يرمق أصحاب رسول الله بعينيه، قال: فوالله ما تنخّم رسول الله نخامة إلَّا وقعت في كفّ رجل منهم، فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضّأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلّموا خفضوا أصواتهم عنده، وما يحذون إليه النظر تعظيمًا له. فرجع عروة إلى أصحابه فقال: أي قوم، والله لقد وفدت على الملوك؛ وفدت على قيصر وكسرى والنّجاشيّ، والله إن رأيت ملكًا قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد محمدًا، والله إن تنخم نخامة إلّا وقعت في كفّ رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضَّأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلّموا خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدّون النظر إليه تعظيمًا له، وإنه قد عرض عليكم خطّة رشد فاقبلوها. فقال رجل من بني كنانة: دعوني آته. فقالوا: ائته. فلمَّا أشرف على النَّبِيِّ وأصحابه قال رسول الله : "هذا فلان، وهو من قوم يعظمون البدن فابعثوها له". فبعثت له، واستقبله الناس يلبُّون، فلمَّا رأى ذلك قال: سبحان اللّه ما ينبغي لهؤلاء أن يصدّوا عن البيت. [فلمَّا رجع إلى أصحابه قال: رأيت البدن قد قلّدت وأشعرت، فما أرأى أن يصدّوا عن البيت]. فقام رجل منهم يقال له: مكرز بن حفص. فقال: دعوني آته. قالوا: ائته. فلمّا أشرف عليهم قال رسول الله : "هذا مكرز، وهو رجل فاجر". فجعل يكلِّم النبي فبينما هو يكلِّمه، إذ جاء سهيل بن عمرو.

قال معمر: فأخبرني أيوب، عن عكرمة أنه لما جاء سهيل بن عمرو قال رسول الله : " [لقد] سُهِّلَ لَكُمْ [من] أَمْرِكُمْ". قال معمر: قال الزهريّ في حديثه: فجاء سهيل فقال: هات اكتب بيننا وبينكم كتابًا. فدعا النَّبِيّ الكاتب، فقال النَّبِيّ : "اكتب بسم اللّه الرحمن الرحيم". فقال سهيل: أمَّا الرحمن، فوالله ما أدري ما هو، ولكن اكتب باسمك اللهمّ، كما كنت تكتب. فقال