للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورواه مسلم والنسائي (١) من حديث هشام به.

وقال البخاري (٢): حدَّثنا عبد اللَّه بن سلَمة، عن مالك، عن عبد اللَّه بن دينار، عن ابن عمرَ، قال: رأيتُ رسولَ اللَّه يُشيرُ إلى المشرف، فقال: "ها إنَّ الفتنةَ هاهنا، إن الفتنة هاهنا، من حيثُ يطلعُ قرنُ الشيطان". هكذا رواه البخاري منفردًا به من هذا الوجه.

وفي السنن أن رسول اللَّه نهى أن يجلسَ بين الشمس والظِلِّ، وقال: "إنَّهُ مجلسُ الشيطان" (٣). وقد ذكروا في هذا معاني، من أحسنها أنه لما كان الجلوس في مثل هذا الموضع فيه تشويه بالخلقة فيما يُرى، كان يُحبُّه الشيطان، لأن خِلْقته في نفسه مشوَّهة، وهذا مستقرٌّ في الأذهان، ولهذا قال تعالى: ﴿طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ﴾ [الصافات: ٦٥] الصحيح أنَّهم الشياطينُ لا ضَرْبٌ من الحيَّات، كما زعمه من زعمه من المفسرين. واللَّه أعلم. فإن النفوس مغروزٌ فيها قبحُ الشياطين، وحُسْنُ خَلْقِ الملائكة، وإن لمِ يُشاهدوا، ولهذا قال تعالى: ﴿طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ﴾ [الصافات: ٦٥] وقال النسوة لمَّا شاهدْن جمالَ يوسفَ ﴿حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ﴾ [يوسف: ٣١].

وقال البخاريُّ (٤): حدَّثنا يحيى بنُ جعفرٍ، قال محمّد بن عبد اللَّه الأنصاريُّ، قال ابنُ جريج، أخبرني عطاءٌ، عن جابرٍ، عن النبي ، قال: "إذا استجنحَ [اللَّيْلُ] (٥) أو كان جُنْحُ اللَّيْلِ -فكفُّوا صبيانَكم، فإنَّ الشياطينَ تنتشرُ حينئذ-، فإذا ذهبَ ساعةٌ من العشاء فخلُّوهم، وأغلقْ بابَكَ، واذكر اسمَ اللَّه، وأطفئْ مصباحَكَ، واذكرِ اسمَ اللَّه، وأوكِ سِقَاءكَ واذكرِ اسمَ اللَّه، وخمِّرْ إناءكَ واذكرِ اسمَ اللَّهِ، ولو تَعْرُضُ عليه عُودًا".

ورواه أحمد (٦): عن يحيى، عن ابن جُريج، وعندَه: "فإنَّ الشيطانَ لا يفتحُ مُغْلقًا".

وقال الإمام أحمد (٧): حدَّثنا وكيع، عن مطر، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: قال رسولُ اللَّه : "أغلقُوا أبوابَكم، وخمِّروا آنيتَكم، وأوْكُوا أسقيتَكم، وأطفِئُوا سُرُجكم، فإن الشيطان لا يفتحُ بابًا مُغلقًا، ولا يكشفُ غِطاءً، ولا يحلُّ وِكَاءً (٨)، وإن الفويسقةَ تضْرمُ البيتَ على أهله" يعني: الفأرة.


(١) أخرجه مسلم في صحيحه (٨٢٨) في صلاة المسافرين، والنسائي (١/ ٢٧٧) في المواقيت.
(٢) في صحيحه (٣٢٧٩) في بدء الخلق.
(٣) رواه أحمد في المسند (٣/ ٤١٣) بتمامه. وروى منه أبو داود رقم (٤٨٢١) وغيره النهي فقط.
(٤) في صحيحه (٣٢٨٠) في بدء الخلق.
(٥) زيادة من البخاري.
(٦) في المسند (٣/ ٣٠١).
(٧) في المسند (٣/ ٣٠١).
(٨) في ب: وعاءً، وأثبت ما في أ والمسند، والمطبوع.