للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبو بكر بن أبي الدنيا كتابًا في ذلك سمَّاه "مكائد الشيطان" (١) وفيه فوائد جمَّة.

وفي سنن أبي داود (٢): أنَّ رسولَ اللَّه كان يقولُ في دعائه: "وأعوذُ بكَ أن يتخبَّطني الشيطان عند الموت" وروينا في بعض الأخبار أنه قال: يا رب! وعزَّتك وجلالكَ لا أزالُ أُغويهم ما دامتْ أرواحُهم في أجسادِهم، فقال اللَّه تعالى: وعزتي وجلالي ولا أزالُ أغفرُ لهم ما استغفروني (٣). وقال اللَّه تعالى: ﴿الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: ٢٦٨] فوعدُ اللَّه هو الحقُّ الصِّدْقُ، ووعدُ الشيطان هو الباطل.

وقد روى الترمذيُّ، والنَّسائي، وابنُ حبَّان في "صحيحه" (٤)، وابن أبي حاتم في تفسيره: من حديث عطاءِ بن السَّائبِ، عن مُرَّة الهَمْداني، عن ابن مسعود، قال: قال رسولُ اللَّه : "إن للشيطانِ لَمَّة بابن آدمَ، وللملك لمَّة، فأما لمَّةُ الشيطان فإيعاد بالشرِّ وتكذيبٌ بالحقِّ، وأما لمَّةُ المَلَكِ فإيعادٌ بالخير وتصديقٌ بالحقِّ، فمن وجدَ ذلك فليعلمْ أنَّه من اللَّه فليحمدِ اللَّه، ومن وجدَ الأخرى فليتعوّذ من الشيطان ثم قرأ ﴿الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: ٢٦٨] ".

وقد ذكرنا في فضل سورة البقرة (٥)؛ أنَّ الشيطانَ يفرُّ من البيت الذي تُقرأ فيه، وذكرنا في فضل آية الكرسي (٦)؛ أنَّ من قرأها في ليلةٍ لا يقربُه الشيطان حتَّى يُصبحَ.

وقال البخاري (٧): حدَّثنا عبد اللَّه بن يوسف، أخبرنا مالك، عن سُمَيٍّ، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، أن رسول اللَّه قال: "منْ قالَ لا إله إلا اللَّه وحدَه لا شريكَ له، له الملك وله الحمدُ وهو على كل شيء قدير مئةَ مرة، كانت له عدل عشر رقاب، وكتبت له مئة حسنة ومحيت عنه مئة سيئة، وكانت له حِرْزًا من الشيطان يومه ذلك، حتى يمسي، ولم يأت أحد بأفضل مما جاءَ به إلا رجل عملَ أكثر من ذلك".


(١) في المطبوع: "مصائد الشيطان"، والكتاب مطبوع بالقاهرة سنة ١٤١٠ هـ بتحقيق مجدي السيد إبراهيم ١٩٢ ص، واسمه "مكائد الشيطان" كما أثبتناه.
(٢) سنن أبي داود (١٥٥٢) في الصلاة.
(٣) أخرجه ابن أبي الدنيا في "مكائد الشيطان" ص ٤٣.
(٤) أخرجه الترمذي في سننه (٢٩٨٨) في التفسير، والنسائي (١١٠٥١) في الكبرى، والطبري في التفسير (٣/ ٨٨) وابن حبان في صحيحه (٩٩٧) الإحسان. وقال الترمذي: حسن غريب. أقول: وإسناده ضعيف.
واللَّمَّة من الشيطان، مسٌّ، واللَّمة: الشدة.
(٥) انظر تفسير ابن كثير (١/ ٤٦ - ٤٧).
(٦) المصدر السابق (١/ ٣٧٨ - ٣٧٩).
(٧) في صحيحه (٣٢٩٣) في بدء الخلق.