للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسجد، يتلاعبُ به صِبْيانُ المدينة، فمنِ استطاعَ منكم ألَّا يحولَ بينه وبينَ القِبْلة أحدٌ فليفعلْ" (١).

وروى أبو داود (٢): "فمن استطاعَ. . . " إلى آخره، عن أحمد بن سريج، عن أبي أحمد محمد بن عبد اللَّه بن الزبير به.

وقال البخاري (٣): حدَّثنا محمود، حدَّثنا شبَابة، حدَّثنا شعبة، عن محمّدِ بن زياد، عن أبي هريرة، عن النبي : أنه صلَّى صلاةً، فقال: "إنَّ الشيطانَ عرضَ لي، فشدَّ عليّ يقطعُ الصَّلاة عليّ، فأمكنني اللَّه منه"، فذكر الحديث.

وقد رواه مسلم والنسائي (٤) من حديثِ شعبةَ به مطوَّلًا.

ولفظ البخاري: عند تفسير قوله تعالى إخبارًا عن سليمان ؛ أنه قال: ﴿قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ﴾ [ص: ٣٥] من حديثِ روحٍ، وغُنْدَر عن شُعبةَ، عن محمد بن زياد، عن أبي هريرة، عن النبي قال: "إن عفريتًا من الجنِّ تفلَّت عليَّ البارحة -أو كلمةً نحوها- ليقطعَ عليَّ الصَّلاة، فأمكنني اللَّه منه، فأردتُ أن أربطه إلى ساريةٍ من سواري المسجد، حتَّى تُصبحوا وتَنظروا إليه كُلُّكم، فذكرتُ قولَ أخي سليمانَ ﴿قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ﴾ [ص: ٣٥] " (٥) قال رَوْحٌ: فردَّه خَاسِئًا.

وروى مسلم (٦): من حديث أبي إدريس، عن أبي الدرداء، قال: قامَ رسولُ اللَّه يُصلِّي فسمعناه يقولُ: "أعوذُ باللَّه منكَ" ثم قال: "ألعنُكَ بلعنةِ اللَّه" ثلاثًا، وبسطَ يدَه كأنَّه يتناولُ شيئًا، فلمَّا فرغَ من الصَّلاة، قلنا: يا رسولَ اللَّه قد سمعناكَ تقولُ في الصَّلاة شيئًا لم نَسمعْكَ تقولُه قبلَ ذلكَ، ورأيناك بسطتَ يدكَ، فقال: "إنَّ عدوَّ اللَّه إبليسَ، جاءَ بشهابٍ من نار، ليجعلَه في وَجْهي، فقلتُ: أعوذ باللَّه منك، ثلاث مراتٍ، ثم قلتُ: ألعنُكَ بلعنةِ اللَّه التَّامَّة، فلم يستأخر، ثم أردتُ أخذه، واللَّه لولا دعوةُ أخينا سليمانَ لأصبحَ مُوثَقًا يلعبُ به وِلْدانُ أهلِ المدينة".

وقال اللَّهُ تعالى: ﴿فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ﴾ [لقمان: ٣٣] يعني الشيطان، وقال تعالى: ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾ [فاطر: ٦] فالشيطانُ لا يألو الإنسانَ خبالًا جهده وطاقته، في جميع أحواله وحركاته وسكناته، كما صنَّف الحافظ


(١) إسناده حسن.
(٢) في سننه (٦٩٩) في الصلاة.
(٣) في صحيحه (٣٢٨٤) في بدء الخلق.
(٤) أخرجه مسلم في صحيحه (٥٤١) في المساجد، والنسائي في سننه الكبرى (١١٤٤٠) في التفسير.
(٥) أخرجه البخاري في صحيحه (٤٨٠٨) في التفسير.
(٦) في صحيحه (٥٤٢) في المساجد ومواضع الصلاة.