للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأمِّ هانئ: قد أجرنا من أجرت يا أمَّ هانئ". قال: ويروى هذا عن عمرو بن العاص، وخالد بن الوليد، وقال أبو حنيفة: لا يجوز أمان العبد.

وفي قوله : "ويجير عليهم أدناهم". ما يقتضي دخول العبد والمرأة، والله أعلم.

وقد روى البيهقي (١) من طريق حَمَّاد بن سَلَمَة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هُريرة قال: قالت بنو كعبٍ: [من الرجز]

لاهُمَّ إنِّي ناشدٌ محمدًا … حلف أبينا وأبيه الأَتْلَدَا

فانصر هداك الله نصرًا أعْتدا … وادع عباد الله يأتوا مددا

وقال موسى بن عقبة في فتح مكة (٢): ثم إن بني نفاثة من بني الدُّئل أغاروا على بني كعب، وهم في المدَّة التي بين رسول الله وبين قريش، وكانت بنو كعب في صلح رسول الله ، وكانت بنو نفاثة في صلح قريش، فأعانت بنو بكر بني نفاثة، وأعانتهم قريش بالسلاح والرَّقيق، واعتزلتهم بنو مدلج، ووفوا بالعهد الذي كانوا عاهدوا عليه رسول الله ، وفي بني الدُّئل رجلان هما سيداهم؛ سلم بن الأسود، وكلثوم بن الأسود، ويذكرون أن ممَّن أعانهم صفوان بن أمية، وشيبة بن عثمان، وسهيل بن عمرو، فأغارت بنو الدُّئل على بني عمرو، وعامَّتهم - زعموا - نساءٌ وصبيانٌ وضعفاءُ الرجال، فألجؤوهم وقتلوهم حتى أدخلوهم إلى دار بُديل بن ورقاء بمكة، فخرج ركبٌ من بني كعب حتى أتوا رسول الله فذكروا له الذي أصابهم، وما كان من قريش عليهم في ذلك، فقال لهم رسول الله - :"ارجعوا فتفرَّقوا في البلدان". وخرج أبو سفيان من مكَّة إلى رسول الله ، وتخوَّف الذي كان، فقال: يا محمد، اشدد العقد، وزدنا في المدة. فقال رسول الله : "ولذلك قدمتَ؟ هل كان من حدث قِبلكم؟ " فقال: معاذ الله، نحن على عهدنا وصلحنا يوم الحديبية، لا نغيّر ولا نبدل. فخرج من عند رسول الله فأتى أبا بكر فقال: جدد العقد، وزدنا في المدة. فقال أبو بكر: جواري في جوار رسول الله ، والله لو وجدت الذَّرَّ تقاتلكم لأعنتها عليكم. ثم خرج فأتى عمر بن الخطاب فكلمه، فقال عمر بن الخطاب: ما كان من حلفنا جديدًا فأخلقه الله، وما كان منه متينًا فقطعه الله، وما كان منه مقطوعًا فلا وصله الله. فقال له أبو سفيان: جزيت من ذي رحم شرًّا. ثم دخل على عثمان فكلَّمه، فقال عثمان: جواري في جوار رسول الله . ثم اتَّبع أشراف قريش يكلمهم، فكلُّهم، يقول: عقدنا في عقد رسول الله . فلمَّا يئس ممَّا عندهم، دخل على فاطمة بنت رسول الله فكلمها، فقالت: إنما أنا امرأة، وإنَّما ذلك


(١) انظر "دلائل النبوة" (٥/ ١٣).
(٢) انظر "دلائل النبوة" (٥/ ٩).