للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تُعِدُّ ما أرى؟ قال: لمحمد وأصحابه. فقالت: والله ما أرى يقوم لمحمد وأصحابه شيء. قال: والله إني لأرجو أن أُخدمك بعضهم. ثم قال: [من الرجز]

إن يُقْبلوا اليوم فما لي عِلَّهْ … هَذَا سِلَاحٌ كَامِلٌ وألَّهْ

وذو غِرَارَينِ سريعُ السَّلَّهْ

قال: ثم شهد الخَنْدَمَة (١) مع صفوان، وعِكْرِمَة، وسهيل، فلما لقيهم المسلمون من أصحاب خالد، ناوشوهم شيئًا من قتال، فقتل كرز بن جابر، أحد بني محارب بن فهر، وخنيس بن خالد بن ربيعة بن أصرم، حليف بني منقذ، وكانا في جيش خالد، فشذا عنه، فسلكا غير طريقه، فقتلا جميعًا، وكان قبل كرز قتل خنيس. قالا: وقتل من خيل خالد أيضًا سلمة بن الميلاء الجهنيُّ، وأصيب من المشركين قريب من اثني عشر أو ثلاثة عشر، ثم انهزموا، فخرج حماس منهزمًا حتى دخل بيته، ثم قال لامرأته: أغلقي عليَّ بابي. قالت: فأين ما كنت تقول؟ فقال: [من الرجز]

إنّك لو شَهِدْتِ يوم الخَنْدَمَه … إذ فرَّ صَفْوانُ وفَرَّ عِكْرِمَهْ

وأبو يزيدَ قائمٌ كالموتَمة (٢) … واستقبلتهم بالسيوف المسلمهْ

يقطعن كلَّ ساعد وجُمجمة … ضربًا فلا يسمع إلا غمغمهْ

لهم نَهيت خلفنا وهمهمة … لم تنطقي في اللوم أدنى كلِمهْ

قال ابن هشام (٣): وتُروى هذه الأبيات للرّعَّاش الهُذليِّ.

قال: وكان شعار المهاجرين يوم الفتح وحنين والطائف: يا بني عبد الرحمن. وشعار الخزرج: يا بني عبد الله. وشعار الأوس: يا بني عبيد الله.

وقال الطبرانيُّ (٤): ثنا عليُّ بن سعيد الرازيُّ، ثنا أبو حسان الزِّياديُّ، ثنا شعيب بن صفوان، عن عطاء بن السائب، عن طاوس، عن ابن عباس، عن رسول الله قال: "إن الله حرَّم هذا البلد يوم خلق السموات والأرض وصاغه يوم صاغ الشمس والقمر، وما حِياله من السماء حرام، وإنه لا يحلُّ لأحد قبلي، وإنما حلَّ لي ساعة من نهار، ثم عاد كما كان". فقيل له: هذا خالد بن الوليد يقتل. فقال: "قم يا فلان فأْت خالد بن الوليد، فقل له فليرفع يديه من القتل". فأتاه الرجل فقال: إن النبيَّ


(١) الخندمة: جبل بمكَّة. انظر "مراصد الاطلاع" (١/ ٤٨٤).
(٢) قال الخشني: الموتمة: هي التي قتل زوجها فبقي لها أيتام. "شرح غريب السيرة" (٣/ ٧٨).
(٣) انظر "السيرة النبوية" (٢/ ٤٠٩).
(٤) رواه الطبراني في "الكبير" (١١٠٠٣) وفي "الأوسط" رقم (٣٨٧٨) وفي "سنده" شعيب بن صفوان الثقفي وهو ضعيف عند التفرد، وفيه عطاء بن السائب وقد اختلط، ورواية شعيب بن صفوان عنه بعد الاختلاط.