للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وروى البيهقيُّ (١)، عن ابن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عليِّ بن عبد الله بن عباس، عن أبيه قال: دخل رسول الله يوم الفتح مكة، وعلى الكعبة ثلاثمئة صنم، فأخذ قضيبه فجعل يهوي به إلى الصنم، وهو يهوي، حتى مرَّ عليها كلِّها.

ثم من طريق سويد، عن القاسم بن عبد الله، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، أنَّ رسول الله لمَّا دخل مَكَّة وجد بها ثلاثمئة وستين صنمًا، فأشار إلى كلِّ صنم بعصًا وقال: "جاء الحقّ وزهق الباطل، إنَّ الباطل كان زهوقًا". فكان لا يشير إلى صَنَمٍ إلا ويَسْقُطُ من غير أن يمسَّه بعصاه.

ثم قال: وهذا وإن كان ضعيفًا، فالذي قبله يؤكده.

وقال حنبل بن إسحاق (٢): أنبأنا أبو الربيع، عن يعقوب القمِّيِّ، ثنا جعفر بن أبي المغيرة، عن ابن أبزى قال: لمَّا افتتح رسول الله مكة، جاءت عجوز شمطاء حبشيَّة تخمش وجهها، وتدعو بالويل، فقال رسول الله : "تلك نائلة، أيست أن تعبد ببلدكم هذا أبدًا".

وقال ابن هشام (٣): حدَّثني من أثق به من أهل الرواية في إسناد له، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس أنَّه قال: دخل رسول الله مكة يوم الفتح على راحلته، فطاف عليها، وحول الكعبة أصنام مشدودة بالرَّصاص، فجعل النبيُّ يشير بقضيب في يده إلى الأصنام ويقول: "جاء الحق وزهق الباطل، إنَّ الباطل كان زهوقًا". فما أشار إلى صنم منها في وجهه إلا وقع لقفاه، ولا أشار إلى قفاه إلا وقع لوجهه، حتى ما بقي منها صنم إلا وقع، فقال تميم بن أَسدٍ الخزاعيُّ: [من الوافر]

وفي الأصنام معتبَرٌ وعلمٌ … لمن يرجو الثّواب أو العِقَابَا

وفي "صحيح مسلم" (٤) عن شيبان بن فروخ، عن سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن عبد الله بن رباح، عن أبي هريرة، في حديث فتح مكة، قال: وأقبل رسول الله حتى أقبل إلى الحجر فاستلمه، وطاف بالبيت، وأتى إلى صنم إلى جنب البيت كانوأ يعبدونه، وفي يد رسول الله قوس، وهو آخذ بسِيتها، فلمَّا أتى على الصنم، جعل يطعُن في عينه ويقول: "جاء الحق وزهق الباطل، إنَّ الباطل كان زهوقًا". فلمَّا فرغ من طوافه أتى الصفا، فعلا عليه، حتى نظر إلى البيت، فرفع يديه وجعل يحمد الله ويدعو بما شاء أن يدعو.


(١) في "دلائل النبوة" (٥/ ٧١).
(٢) انظر "دلائل النبوة" للبيهقي (٥/ ٧٥).
(٣) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٤١٦).
(٤) رقم (١٧٨٠).