للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال يونس بن بكير وغيره، عن هشام بن عُرْوَة، عن أبيه، أنَّ رسول الله أمر بلالًا عام الفتح فأذن على الكعبة ليغيظ به المشركين.

وقال محمد بن سعد (١)، عن محمد بن عبيد، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي إسحاق، أنَّ أبا سفيان بن حرب بعد فتح مكة كان جالسًا، فقال في نفسه: لو جمعت لمحمد جمعًا، فإنَّه ليحدِّث نفسه بذلك، إذ ضرب رسول الله بين كتفيه وقال: "إذًا يُخْزِيْكَ الله". قال: فرفع رأسه، فإذا رسول الله قائم على رأسه، فقال: ما أَيْقَنْتُ أنَّك نبيٌّ حتى السَّاعة.

قال البيهقيُّ: وقد أخبرنا أبو عبد الله الحافظ إجازة، أنبأنا أبو حامد أحمد بن علي بن الحسن المقرى، أنبأنا أحمد بن يوسف السُّلميُّ، ثنا محمد بن يوسف الفِرْيَابيُّ، ثنا يونس بن أبي إسحاق، عن أبي السَّفر، عن ابن عباس قال: رأى أبو سفيان رسول الله يمشي والناس يطؤون عقبه، فقال بينه وبين نفسه: لو عاودت هذا الرجل القتال. فجاء رسول الله حتى ضرب بيده في صدره فقال: "إذا يخزيك الله". فقال: أتوب إلى الله، وأستغفر الله مما تفوَّهتُ به. ثم روى البيهقيُّ، من طريق ابن خزيمة وغيره، عن أبي حامد بن الشَّرقيِّ، عن محمد بن يحيى الذُّهليِّ، ثنا [محمد] بن موسى بن أعين الجزري، ثنا أبي، عن إسحاق بن راشد، عن الزُّهريِّ، عن سعيد بن المسيَّب قال: لمَّا كان ليلة دخل الناس مكة ليلة الفتح، لم يزالوا في تكبير وتهليل وطواف بالبيت حتى أصبحوا، فقال أبو سفيان لهند: أتريْن هذا من الله؟ قالت: نعم، هذا من الله. قال: ثم أصبح أبو سفيان فغدا إلى رسول الله ، فقال له رسول الله : "قلت لهند: أترين هذا من الله؟ قالت: نعم، هذا من الله". فقال أبو سفيان: أشهد أنَّك عبد الله ورسوله، والذي يحلف به ما سمع قولي هذا أحد من الناس غير هند.

وقال البخاريُّ (٢): ثنا إسحاق، ثنا أبو عاصم، عن ابن جريج، أخبرني حسن بن مسلم، عن مجاهد، أنَّ رسول الله قال: "إنَّ الله حرَّم مكة يوم خلق السماوات والأرض، فهي حرام بحرام الله إلى يوم القيامة، لم تحلَّ لأحد قبلي، ولا تحلُّ لأحد بعدي، ولم تحل لي إلا ساعةً من الدَّهر، لا ينفَّر صيدها، ولا يعضد شوكها، ولا يختلى خلاها، ولا تحل لقطتها إلا لمنشد". فقال العباس بن عبد المطلب: إلا الإذخر يا رسول الله؛ فإنَّه لا بدَّ منه للقَين والبيوت. فسكت ثم قال: "إلا الإذخر، فإنَّه حلال".


(١) انظر "دلائل النبوة" (٥/ ١٠٢).
(٢) في "صحيحه" رقم (٤٣١٣).