للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من دخل، فوجد بلالًا وراء الباب قائمًا، فسأله: أين صلى رسول الله وهو حديث صحيح.؟ فأشار له إلى المكان الذي صلَّى فيه. قال عبد الله: فنسيت أن أسأله كم صلَّى من سجدة.

ورواه الإمام أحمد (١)، عن هشيم، ثنا غير واحد وابن عون، عن نافع، عن ابن عمر قال: دخل رسول الله البيت ومعه الفضل بن عباس، وأسامة بن زيد، وعثمان بن طلحة، وبلال، فأمر بلالًا فأجاف عليهم الباب، فمكث فيه ما شاء الله، ثم خرج. قال ابن عمر: فكان أوَّل من لقيت منهم بلالًا، فقلت: أين صلَّى رسول الله ؟ قال: هاهنا بين الأسطوانتين.

قلت: وقد ثبت في "صحيح البخاريِّ" وغير (٢)، أنَّه صلى في الكعبة تلقاء وُجهة بابِها من وراء ظهره، فجعل عمودين عن يمينه، وعمودًا عن يساره، وثلاثة أعمدة وراءه، وكان البيت يومئذ على ستة أعمدة، وكان بينه وبين الحائط الغربيِّ مقدار ثلاثة أذرع.

قال ابن هشام (٣): وحدَّثني بعض أهل العلم، أنَّ رسول الله دخل الكعبة عام الفتح ومعه بلال، فأمره أن يؤذِّن، وأبو سفيان بن حرب وعتَّاب بن أسيد والحارث بن هشام جلوس بفناء الكعبة، فقال عتَّاب: لقد أكرم الله أسِيدًا أن لا يكون سمع هذا، فيسمع منه ما يغيظه. فقال الحارث بن هشام: أما والله لو أعلم أنه محقٌّ لاتَّبعته. فقال أبو سفيان: لا أقول شيئًا، لو تكلَّمت لأَخبرت عني هذه الحصا.

فخرج عليهم رسول الله فقال: "قد علمت الذي قلتم". ثم ذكر ذلك لهم، فقال الحارث وعتَّاب: نشهد أنَّك رسول الله، ما اطَّلع على هذا أحد كان معنا فنقول: أخبرك.

وقال يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، حدَّثني والدي، حدَّثني بعض آل جبير بن مطعم، أنَّ رسول الله لمَّا دخل مكة أمر بلالًا، فعلا على الكعبة على ظهرها، فأذَّن عليها بالصلاة، فقال بعض بني سعيد بن العاص: لقد أكرم الله سعيدًا إذ قبضه قبل أن يسمع (٤) هذا الأسود على ظهر الكعبة.

وقال عبد الرزاق (٥)، عن معمر، عن أيوب قال: قال ابن أبي مليكة: أمر رسول الله بلالًا فأذَّن يوم الفتح فوق الكعبة، فقال رجل من قريش للحارث بن هشام: ألا ترى إلى هذا العبد أين صعِد؟! فقال: دعه، فإن يكن الله يكرهه، فسيغيِّره.


(١) رواه أحمد في "المسند" (٢/ ٣)، وهو حديث صحيح، لكن قوله: ومعه الفضل بن عباس شاذ.
(٢) هو عند البخاري رقم (٥٠٥) وعند أبي داود رقم (٢٠٢٣) وعند النسائي رقم (٧٤٨).
(٣) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٤١٣).
(٤) في "دلائل النبوة" للبيهقي: "قبل أن يرى".
(٥) انظر "دلائل النبوة" للبيهقي (٥/ ٧٩).