للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَجُسْنَا مع المهديِّ مكةَ عَنْوةً … بأسيافنا والنَّقْع كابٍ وساطِعُ

عَلانيَةً والخيلُ يَغْشَى مُتونَها … حميمٌ وآنٍ مِن دمِ الجوفِ ناقعُ

ويومَ حنينٍ حينَ سارت هَوازِنٌ … إلينا وضاقت بالنفوسِ الأضالعُ

صبَرْنا مع الضَّحَّاكِ لا يستَفِزُّنا … قِراعُ الأعادي منهمُ والوَقائعُ

أمامَ رسولِ الله يَخْفِقُ فوقَنا … لِواءٌ كخُذْروفِ السحابةِ لامعُ

عَشِيَّةَ ضَحَّاكُ بنُ سفيانَ مُعْتَصٍ … بسيفِ رسولِ الله والموتُ كانعُ

نذُودُ أخانا عن أخينا ولو نَرَى … مَصالًا لَكُنَّا الأقْرَبين نُتابِعُ

ولكنَّ دينَ الله دينَ محمدٍ … رَضِينا به فيه الهُدَى والشَّرائعُ

أقام به بعدَ الضَّلالةِ أمْرَنا … وليس لأمرٍ حمَّه الله دافعُ

وقال عباسُ (١) أيضًا: [من الطويل]

تَقَطَّعَ باقي وَصْلِ أُمِّ مُؤَمَّلٍ … بعاقبةٍ واستَبْدَلَت نِيَّةً خُلْفا

وقد حَلَفَت باللهِ لا تَقْطَعُ القُوَى … فما صدَقَت فيه ولا بَرَّتِ الحَلْفا

خُفافِيَّةٌ بَطْنُ العَقيقِ مَصِيفُها … وتَحْتَلُّ في البادين وَجْرةَ فالعُرْفا

فإن تَتْبَعِ الكفارَ أمُّ مُؤَمَّلٍ … فقد زَوَّدَت قلبي على نَاْيِها شَغْفا

وسوف يُنَبِّيْها الخبيرُ بأنَّنا … أبَيْنا ولم نَطْلُبْ سِوى ربِّنا حِلْفا

وأنَّا مع الهادي النبيِّ محمدٍ … وفَيْنا ولم يسْتَوفِها معشرٌ ألْفا

بفتيانِ صدقٍ مِن سُلَيمٍ أعِزَّةٍ … أطاعوا فما يَعْصُون مِن أمرِه حَرْفا

خُفافٌ وذَكْوانٌ وعوفٌ تَخالُهم … مَصاعِبَ زافَتْ في طَروقتِها كُلْفا

كأنَّ النسيجَ الشُّهْبَ والبِيضَ مُلْبَسٌ … أُسودًا تَلاقَت في مراصدِها غُضْفا

بنا عَزَّ دينُ الله غيرَ تنَحُّلٍ … وزِدْنا على الحيِّ الذي معه ضِعْفا

بمكةَ إذْ جِئْنا كأنَّ لِواءَنا … عُقابٌ أرادت بعدَ تحْليقِها خَطْفا

على شُخَّصِ الأبْصارِ تَحْسَب بينَها … إذا هي جالت في مَراودِها عَزْفا

غداةَ وَطِئْنا المشركين ولم نجدْ … لأمرِ رسولِ الله عَدْلًا ولا صَرْفا

بمُعْتَرَكٍ لا يَسْمَعُ القومُ وسْطَه … لنا زَجْمةً إلا التَّذامرَ والنَّقْفَا

ببِيضٍ تُطِيرُ الهامَ عن مُسْتَقَرِّها … ونَقْطِفُ أعناقَ الكُماةِ بها قَطْفا

فَكائِنْ ترَكْنا مِن قتيلٍ مُلَحَّبٍ … وأرملةٍ تدْعو على بعلِها لَهْفا


(١) أي: ابن مرداس، والأبيات في "ديوانه" ص (١١٤).