للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يا خيرَ مَن ركِب المَطِيَّ ومَن مشى … فوقَ الترابِ إذا تُعَدُّ الأنْفُسُ

إنا وفَيْنا بالذي عاهَدْتَنا … والخيلُ تُقْدَعُ بالكُماةِ وتُضْرَسُ

إذْ سال مِن أفناءِ بُهْثةَ كلِّها … جَمْعٌ تَظَلُّ به المخَارِمُ تَرْجُسُ

حتى صبَحْنا أهلَ مكةَ فَيْلَقًا … شَهْباءَ يَقْدُمُها الهُمامُ الأَشْوَسُ

مِن كلِّ أغْلَبَ مِن سُلَيْمٍ فوقَه … بيضاءُ مُحْكَمَةُ الدِّخالِ وقَوْنَسُ (١)

يَرْوِي القناةَ إذا تَجاسَرَ في الوَغَى … وتَخالُه أسَدًا إذا ما يَعْبِسُ

يَغْشَى الكتيبة مُعْلِمًا وبكفِّه … عَضْبٌ يَقُدُّ به وَلَدْنٌ مِدْعَسُ (٢)

وعلى حُنينٍ قد وَفَى مِن جَمْعِنا … ألفٌ أُمِدَّ به الرسولُ عَرَنْدَسُ (٣)

كانوا أمامَ المؤمنين دَرِيئةً … والشمسُ يومئذٍ عليهم أشْمُسُ

نَمْضِي ويحْرُسُنا الإلهُ بحفظِه … واللهُ ليس بضائعٍ مَن يحْرُسُ

ولقد حُبِسْنا بالمناقِبِ محْبِسًا … رضِيَ الإلهُ به فنِعْم المَحْبِسُ

وغداةَ أوطاسٍ شدَدْنا شدةً … كفَتِ العدوَّ وقيل منها يا احبِسوا

تدعو هَوازِنُ بالإخاوةِ بينَنا … ثَدْيٌ تمدُّ به هَوازِنُ أيْبَسُ

حتى ترَكْنا جمعَهم وكأنه … عَيْرٌ تَعاقَبُه السِّباعُ مُفَرَّسُ

وقال أيضًا (٤)، : [من الطويل]

فمَنْ مُبْلِغُ الأقوامِ أن محمدًا … رسولَ الإلهِ راشدٌ حيث يَمَّمَا

دعا ربَّه واستَنْصَر الله وحدَه … فأصبح قد وفَّى إليه وأنْعَما

سَرَيْنا وواعَدْنا قُدَيْدًا محمدًا … يؤُمُّ بنا أمرًا مِن الله مُحْكَمَا

تَمارَوا بنا في الفجرِ حتى تبَيَّنوا … مع الفجرِ فِتْيانًا وغابًا مُقَوَّمًا

على الخيلِ مَشْدودًا علينا دُروعُنا … ورَجْلًا كدُفَّاعِ الأَتِىِّ عَرَمْرَمًا

فإن سَراةَ الحيِّ إن كنتَ سائلًا … سُلَيمٌ وفيهم مِنهمُ مَن تسَلَّمَا

وجندٌ مِن الأنصارِ لا يَخْذُلونه … أطاعوا فما يَعْصُونه ما تكَلَّما

فإن تَكُ قد أمَّرْتَ في القومِ خالدًا … وقدَّمْتَه فإنَّه قد تقَدَّما

بجُندٍ هداه الله أنت أميرُه … تُصِيبُ به في الحقِّ مَن كان أظْلَما


(١) القونس: أعلى بيضة الحديد.
(٢) المدعس: الطعان.
(٣) العرندس: الشديد.
(٤) أي: (العباس بن مرداس) والأبيات في "ديوانه" ص (١٤١ - ١٤٣).