للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: ثم سار رسول الله إلى الطائف حين فرغ من حنينٍ، فقال كعب بن مالكٍ (١) في ذلك: [من الوافر]

قضَيْنا مِن تِهامَة كلَّ رَيْبٍ … وخيبرَ ثم أَجْمَمْنا السُّيوفا

نُخَيِّرُها ولو نطَقَت لقالت … قَواطِعُهنَّ دَوْسًا أو ثقيفَا

فلسْتُ لحاضنٍ إن لم ترَوْها … بساحةِ دارِكم منا أُلوفا

وننْتَزِعُ العُروشَ ببطنِ وَجٍّ … وتُصْبِحُ دُورُكم منكم خُلوفَا

ويَأْتِيكم لنا سَرَعانُ خيلٍ … يُغادِرُ خلفَه جمعًا كثيفَا

إذا نزَلوا بساحتِكم سمِعْتُم … لها مما أناخَ بها رَجِيفَا

بأيديهم قَواضِبُ مُرْهَفاتٌ … يُزِرْنَ المُصْطَلِين بها الحتُوفَا

كأمثالِ العقائقِ أخْلَصَتْها … قُيونُ الهندِ لم تُضْرَبْ كَتِيفَا

تَخالُ جَدِيَّةَ الأبْطالِ فيها … غَداةَ الزَّحْفِ جادِيًّا مَدُوفَا

أجَدَّهُمُ أليس لهم نَصِيحٌ … مِن الأقوامِ كان بنا عَرِيفَا

يُخَبِّرُهم بأنا قد جَمَعْنا … عِتاقَ الخيلِ والنُّجُبَ الطُّرُوفَا

وأنَّا قد أتَيْناهم بزَحْفٍ … يُحِيطُ بسورِ حصنِهمُ صُفوفَا

رئيسُهُمُ النبيُّ وكان صُلْبًا … نقيَّ القلبِ مُصْطَبِرًا عَروفَا

رشيدَ الأمرِ ذا حُكْمٍ وعلمٍ … وحِلْمٍ لم يَكُنْ نَزِقًا خَفِيفًا

نُطِيعُ نَبِيَّنا ونُطِيعُ ربًّا … هو الرحمنُ كان بنا رؤُوفَا

فإن تُلْقُوا إلينا السِّلْمَ نَقْبَلْ … ونجْعَلْكم لنا عَضُدًا ورِيفَا

وإن تَأْبَوْا نُجاهِدْكم ونَصْبِرْ … ولا يَكُ أمْرُنا رَعِشًا ضعيفَا

نُجاهدُ ما بَقِينا أو تُنِيبوا … إلى الإسلامِ إذعانًا مُضِيفَا

نُجاهدُ لا نُبالي ما لقِينا … أأهْلَكْنا التِّلادَ أم الطَّرِيفَا

وكم مِن معشرٍ أَلَبوا علينا … صَميمَ الجِذْمِ منهم والحَلِيفَا

أتَوْنا لا يَرَوْن لهم كِفاءً … فجَدَّعْنا المَسامعَ والأُنوفَا

بكلِّ مُهَنَّدٍ لَيْنٍ صَقيلٍ … نَسوقُهمُ بها سَوْقًا عَنيفَا

لأمْرِ الله والإسلامِ حتى … يقومَ الدِّينُ معتدلًا حَنيفَا

وتُنْسَى اللاتُ والعُزَّى ووُدٌّ … ونَسْلُبَها القَلائدَ والشُّنوفَا

فأمْسَوا قد أقَرُّوا واطْمَأنُّوا … ومَن لا يَمْتَنِعْ يَقْبَلْ خُسوفَا


(١) الأبيات في "ديوانه" ص (١٨٨).