للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن إسحاق (١): فأجابه كنانة بن عبد ياليل بن عمرو بن عميرٍ الثقفيُّ -قلت (٢): وقد وفد على رسول الله بعد ذلك في وفد ثقيفٍ، فأسلم معهم. قاله موسى بن عقبة، وابن إسحاق، وأبو عمر بن عبد البرِّ، وابن الأثير، وغير واحدٍ. وزعم المدائنيُّ أنه لم يسلم، بل صار إلى بلاد الروم فتنصَّر ومات بها-: [من الطويل]

فمَن كان يَبْغِينا يريدُ قتالَنا … فإنا بدارٍ مَعْلَمٍ لا نَرِيمُها

وجَدْنا بها الآباءَ مِن قبلِ ما ترَى … وكانت لنا أَطْواؤُها (٣) وكُرومُها

وقد جَرَّبَتْنا قبلُ عمرُو بنُ عامرٍ … فأخْبَرها ذو رأْيِها وحَليمُها

وقد عَلِمَتْ إن قالت الحقَّ أننا … إذا ما أبَت صُعْرُ الخُدودِ نُقِيمُها

نُقَوِّمُها حتى يَلينَ شَرِيسُها … ويُعْرَفَ للحقِّ المُبينِ ظَلومُها

علينا دِلاصٌ مِن تُراثِ مُحَرِّقٍ … كلَوْنِ السماءِ زيَّنَتْها نُجومُها

نُرَفِّعُها عنا ببِيضٍ صوارِمٍ … إذا جُرِّدَت في غَمْرةٍ لا نَشِيمُها

قال ابن إسحاق (٤): وقال شَدَّاد بن عارضٍ الجُشَميُّ في مسير رسول الله إلى الطَّائف: [من البسيط]

لا تَنْصُروا اللاتَ إن الله مُهْلِكُها … وكيف يُنْصَرُ مَن هوْ ليس ينْتَصِرُ

إن التي حُرِّقَت بالسُّدِّ فاشْتَعَلت … ولم تُقاتِلْ لدَى أحجارِها هَدَرُ

إن الرسولَ متى ينْزِلْ بلادَكمُ … يَظْعَنْ وليس بها مِن أهلِها بشَرُ

قال ابن إسحاق (٥): فسلك رسول الله -يعني من حُنينٍ إلى الطّائف- على نخلَة اليمانية، ثم على قَرْنٍ، ثم على المُلَيح، ثم على بحرة الرُّغاء من لِيَّةَ، فابتنى بها مسجدًا فصلَّى فيه.

قال ابن إسحاق: فحدَّثني عمرو بن شعيبٍ أنه، ، أقاد يومئذٍ ببحرة الرُّغاء حين نزلها بدمٍ، وهو أول دمٍ أُقيد به في الإسلام، رجلٌ من بني ليثٍ قتل رجلًا من هذيلٍ فقتله به، وأمر رسول الله ، وهو بلِيَّة، بحصن مالك بن عوفٍ فهدم.

قال ابن إسحاق: ثم سلك في طريقٍ يقال لها: الضَّيقة. فلما توجَّه رسول الله سأل عن اسمها


(١) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٤٨١).
(٢) القائل هنا (ابن كثير) مؤلف الكتاب معقبًا على ابن إسحاق الذي أورد الأبيات التالية في "السيرة النبوية" ونقلها عنه المؤلف.
(٣) الأطواء: الآبار.
(٤) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٤٨١).
(٥) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٤٨٢).