للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا تفسدوا الأموال، فإنها لنا أو لكم. وقال عروة: أمر رسول الله كلَّ رجلٍ من المسلمين أن يقطع خمس نخَلاتٍ أو خمس حُبْلاتٍ، وبعث مناديًا ينادي: "من خرج إلينا فهو حرٌّ". فاقتحم إليه نفرٌ منهم، فيهم أبو بكرة بن مسروحٍ أخو زياد بن أبي سفيان لأمِّه، فأعتقهم ودفع كلَّ رجلٍ منهم إلى رجلٍ من المسلمين يعوله ويحمله.

وقال الإمام أحمد (١): ثنا يزيد، ثنا حجاجٌ، عن الحكم، عن مِقسَمٍ، عن ابن عباسٍ أن رسول الله كان يعتق من جاءه من العبيد قبل مواليهم إذا أسلموا، وقد أعتق يوم الطائف رجلين.

وقال أحمد (٢) أيضًا: ثنا عبد القدُّوس بن بكر بن خُنيسٍ، ثنا الحَجَّاج، عن الحكم، عن مِقْسَمٍ، عن ابن عباسٍ قال: حاصر رسول الله أهل الطائف، فخرج إليه عبدان فأعتقهما، أحدهما أبو بكرة، وكان رسول الله يُعتق العبيد إذا خرجوا إليه.

وقال أحمد (٣) أيضًا: ثنا نصر بن بابٍ، عن الحجاج، عن الحكم، عن مقسمٍ، عن ابن عباس أنه قال: قال رسول الله يوم الطائف: "من خرج إلينا من العبيد فهو حرٌّ". فخرج عبيدٌ من العبيد فيهم أبو بكرة فأعتقهم رسول الله . هذا الحديث تفرَّد به أحمد، ومداره على الحَجَّاج بن أرطاة، وهو ضعيفٌ، لكن ذهب الإمام أحمد إلى هذا، فعنده أن كلَّ عبدٍ جاء من دار الحرب إلى دار الإسلام عتق، حكمًا شرعيًا مطلقًا عامًّا.

وقال آخرون: إنما كان هذا شرطًا لا حكمًا عامًّا، ولو صَحَّ الحديث لكان التشريع العامُّ أظهر، كما في قوله : "من قتل قتيلًا فَلَهُ سَلَبُه" (٤).

وقد قال يونس بن بكيرٍ، عن محمد بن إسحاق (٥): حدَّثني عبد الله بن المكدَّم الثقفيُّ قال: لما حاصر رسول الله أهل الطائف خرج إليه رقيقٌ من رقيقهم؛ أبو بكرة وكان عبدًا للحارث بن كلدة، والمنبعث وكان اسمه المضطجع، فسمَّاه رسول الله المنبعث، ويُحنَّس ووَردان، في رهطٍ من رقيقهم فأسلموا، فلما قدم وَفْدُ أهل الطائف فأسلموا، قالوا: يا رسول الله، ردَّ علينا رقيقنا الذين أتوك. قال: "لا، أولئك عتقاء الله". وردَّ على ذلك الرجل ولاء عبده فجعله إليه.

وقال البخاريُّ (٦): ثنا محمد بن بشَّارٍ، ثنا غندرٌ، ثنا شعبة، عن عاصمٍ، سمعت أبا عثمان قال:


(١) رواه أحمد في "المسند" (١/ ٢٣٦)، وهو حديث حسن، يشهد له مرسل عبد الله بن المكدَّم الذي بعده.
(٢) في "المسند" (١/ ٢٤٣)، وهو حديث حسن يشهد له مرسل عبد الله بن المكدَّم الذي بعده.
(٣) في "المسند" (١/ ٢٤٨)، وهو حديث حسن يشهد له مرسل عبد الله بن المكدَّم الذي بعده.
(٤) رواه البخاري رقم (٤٣٢١) ومسلم رقم (١٧٥١) من حديث أبي قتادة .
(٥) انظر "دلائل النبوة" (٥/ ١٥٩).
(٦) في "صحيحه" رقم (٤٣٢٦)، ومسلم رقم (٦٣).