للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سمعت سعدًا -وهو أول من رمى بسهمٍ في سبيل الله- وأبا بكرة -وكان تسوَّر حصن الطائف في أُناسٍ، فجاء إلى رسول الله- قالا: سمعنا رسول الله يقول: "من ادَّعى إلى غير أبيه وهو يعلمه، فالجنة عليه حرامٌ". ورواه مسلمٌ من حديث عاصمٍ به.

قال البخاريُّ (١): وقال هشامٌ: أنبأنا معمرٌ، عن عاصم، عن أبي العالية، أو اْبي عثمان النَّهديِّ، قال: سمعت سعدًا وأبا بكرة، عن النبيِّ ، قال عاصمٌ: قلت: لقد شهد عندك رجلان حسبك بهما. قال: أجل، أمَّا أحدهما فأول من رمى بسهمٍ في سبيل الله، وأمَّا الآخر فنزل إلى رسول الله ثالث ثلاثةٍ وعشرين من الطائف.

قال محمد بن إسحاق (٢): وكان مع رسول الله امرأتان من نسائه، إحداهما أمُّ سلمة، فضرب لهما قبَّتين، فكان يصلي بينهما، فحاصرهم وقاتلهم قتالًا شديدًا، وتراموا بالنَّبْل.

قال ابن هشامٍ (٣): ورماهم بالمنجنيق، فحدَّثني من أثق به أن النبيَّ أول من رمى في الإسلام بالمنجنيق، رمى به أهل الطائف.

وذكر ابن إسحاق أن نفرًا من الصحابة دخلوا تحت دَبَّابةٍ، ثم زحفوا ليخرقوا جدار أهل الطائف، فأرسلت عليهم ثقيفٌ سكك الحديد مُحْمَاةً، فخرجوا من تحتها، فرمتْهُم ثقيف بالنَّبْل، فقتلوا منهم رجالًا، فحينِئذٍ أمر رسول الله بقطع أعناب ثفيفٍ، فوقع الناس فيها يقطِّعون.

قال: وتقدَّم أبو سفيان بن حربٍ والمغيرة بن شعبة، فناديا ثقيفًا بالأمان حتى يكلِّماهم، فأمَّنوهما، فدعَوا نساءً من قريشٍ وبني كنانة ليخرجن إليهم -وهما يخافان عليهن السِّباء إذا فتح الحصن- فأبين، فقال لهما ابن الأسود بن مسعودٍ: ألا أدلُّكما على خيرٍ مما جئتما له؟ إن مال بني الأسود بن مسعودٍ حيث قد علمتما -وكان رسول الله نازلًا بوادٍ يقال له: العقيق. وهو بين مال بني الأسود وبين الطائف- وليس بالطائف مالٌ أبعد رِشاءً ولا أشدَّ مؤونةً ولا أبعد عِمارةً منه، وإن محمدًا إن قطَّعه لم يعمر أبدًا، فكلِّماه فليأخذه لنفسه أو ليدعه لله وللرحم. فزعموا أن رسول الله تركه لهم.

وقد روى الواقديُّ (٤) عن شيوخه نحو هذا، وعنده أن سلمان الفارسيَّ هو الذي أشار بالمنجنيق وعمله بيده، وقيل: قدم به وبدبَّابتين. فالله أعلم.


(١) في "صحيحه" رقم (٤٣٢٧).
(٢) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٤٨٢).
(٣) انظر "السيرة النبوية" (٢/ ٤٨٢).
(٤) انظر "المغازي" (٣/ ٩٢٩).