للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يطيِّب ذلك فليفعل، ومن أحبَّ منكم أن يكون على حظِّه حتى نعطيه إيَّاه من أول ما يفيء الله علينا فليفعل". فقال الناس: قد طيَّبنا ذلك يا رسول الله. فقال لهم: "إنا لا ندري من أذن منكم في ذلك ممَّن لم يأذن، فارجعوا حتى يرفع إلينا عرفاؤكم أمركم". فرجع الناس، فكلَّمهم عرفاؤهم، ثم رجعوا إلى رسول الله ، فأخبروه أنهم قد طيَّبوا وأذنوا. فهذا ما بلغنا عن سبي هوازن. ولم يتعرَّض البخاريُّ لمنع الأقرع وعيينة وقومهما، بل سكت عن ذلك، والمثبِت مقدَّمٌ على النَّافي، فكيف الساكت؟!

وقد روى البخاريُّ (١) من حديث الزهريِّ، أخبرني عمر بن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه، أخبره جبير بن مطعمٍ أنه بينما هو مع رسول الله ، ومعه الناس مقفَله من حنينٍ، علقت الأعراب برسول الله يسألونه حتى اضطروه إلى سَمُرةٍ فخطِفت رداءه، فوقف رسول الله ، ثم قال: "أعطوني ردائي، فلو كان عدد هذه العضاه نَعَمًا لقسمته بينكم،، ثم لا تجدوني بخيلًا ولا كذوبًا ولا جبانًا". تفرَّد به البخاريُّ.

وقال ابن إسحاق (٢): وحدَّثني أبو وجزة يزيد بن عبيدٍ السَّعديُّ، أن رسول الله أعطى عليَّ بن أبي طالبٍ جاريةً يقال لها: رَيطة بنت هلال بن حيَّان بن عُمَيرة. وأعطى عثمان بن عفان جاريةً يقال لها زينب بنت حيَّان بن عمرو بن حيَّان. وأعطى عمر جاريةً فوهبها لابنه عبد الله.

قال ابن إسحاق (٣): فحدَّثني نافعٌ، عن عبد الله بن عمر قال: بعثت بها إلى أخوالي من بني جُمح؛ ليصلحوا لي منها ويهيِّئوها، حتى أطوف بالبيت ثم آتيهم، وأنا أريد أن أصيبها إذا رجعت إليها. قال: فخرجت من المسجد حين فرغتُ، فإذا الناس يشتدُّون، فقلت: ما شأنكم؟ قالوا: ردَّ علينا رسول الله نساءنا وأبناءنا. قلت: تلكم صاحبتكم في بني جمح، فاذهبوا فخذوها. فذهبوا إليها فأخذوها.

قال ابن إسحاق: وأمَّا عيينة بن حصنٍ فأخذ عجوزًا من عجائز هوازن، وقال حين أخذها: أرى عجوزًا إني لأحسب لها في الحيِّ نسبًا، وعسى أن يعظُم فداؤها. فلما ردَّ رسول الله السبايا بستِّ فرائض، أبى أن يردَّها، فقال له زهير بن صردٍ: خذها عنك، فوالله ما فوها بباردٍ، ولا ثديها بناهدٍ، ولا بطنها بوالدٍ، ولا زوجها بواجدٍ، ولا درُّها بماكدٍ. فردَّها بستِّ فرائض. قال: فزعموا أن عيينة لقي الأقرع فشكى إليه بذلك، فقال: إنَّك والله ما أخذتها بيضاء غريرةً، ولا نصَفًا وثيرةً.


(١) في "صحيحه" رقم (٢٨٢١) و (٣١٤٨).
(٢) انظر"السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٤٩٠).
(٣) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٤٩٠).