للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجاهلية، حتى إذا كان يوم النحر، قام عليُّ بن أبي طالبٍ فأذَّن في الناس بالذي أمره به رسول الله ، وأجَّل الناسَ أربعة أشهرٍ من يوم أذَّن فيهم؛ ليرجع كلُّ قومٍ إلى مأمنهم وبلادهم، ثم لا عهد لمشركٍ ولا ذمة إلَّا أحدٍ كان له عند رسول الله عهدٌ، فهو له إلى مدته، فلم يحجَّ بعد ذلك العام مشركٌ، ولم يطف بالبيت عُريانٌ، ثم قدما على رسول الله ، وهذا مرسلٌ من هذا الوجه.

وقد قال البخاريُّ (١): باب حجِّ أبي بكرٍ، ، بالناس سنة تسعٍ، حدَّثنا سليمان بن داود أبو الربيع، حدثنا فليحٌ، عن الزهريِّ، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، أن أبا بكرٍ الصِّدِّيق، ، بعثه في الحجَّة التي أمَّره النبيُّ عليها قبل حَجَّة الوَدَاع في رهطٍ يؤذِّن في الناس أن لا يحجَّ بعد العام مشركٌ، ولا يطوفنَّ بالبيت عريانٌ.

وقال البخاريُّ (٢) في موضع آخر: حدَّثنا عبد الله بن يوسف، ثنا الليث، حدثني عقيلٌ، عن ابن شهابٍ، أخبرني حميد بن عبد الرحمن، أن أبا هريرة قال: بعثني أبو بكرٍ الصديق في تلك الحجة في المؤذِّنين، بعثهم يوم النحر يؤذِّنون بمنىً أن لا يحجَّ بعد العام مشركٌ، ولا يطوفنَّ بالبيت عريانٌ. قال حميدٌ: ثم أردف النبيُّ بعليٍّ، فأمره أن يؤذِّن بـ "براءةٌ". قال أبو هريرة: فأذَّن معنا عليٌّ في أهل منىً يوم النحر بـ "براءةٌ" أن لا يحجَّ بعد العام مشركٌ، ولا يطوفنَّ بالبيت عريانٌ.

وقال البخاريُّ (٣) في كتاب الجهاد: حدثَّنا أبو اليمان، أنبأنا شعيبٌ، عن الزهريِّ، أخبرني حميدٌ بن عبد الرحمن، أن أبا هريرة قال: بعثني أبو بكر الصديق فيمن يؤذِّن يوم النحر بمنىً؛ لا يحجُّ بعد العام مشركٌ، ولا يطوف بالبيت عريانٌ. ويوم الحجِّ الأكبر يوم النَّحر، وإنما قيل: الأكبر. من أجل قول الناس: الحجُّ الأصغر. فنبذ أبو بكرٍ إلى الناس في ذلك العام، فلم يحجَّ عام حجة الوداع -الذي حجَّ فيه رسول الله - مشركٌ.

ورواه مسلم (٤) من طريق الزهريِّ به نحوه.

وقال الإمام أحمد (٥): حدَّثنا محمد بن جعفرٍ، حدَّثنا شعبة، عن مغيرة، عن الشعبيِّ، عن محرَّر بن أبي هريرة، عن أبيه قال: كنت مع عليِّ بن أبي طالبٍ حين بعثه رسول الله . فقال: ما كنتم تنادون؟ قال: كنَّا ننادي: إنه لا يدخل الجنة إلَّا مؤمنٌ، ولا يطوف بالبيت عريانٌ، ومن كان بينه وبين رسول الله عهدٌ فإن أجله -أو أمده- إلى أربعة أشهرٍ، فإذا مضت الأربعة الأشهر فإن الله بريءٌ من


(١) في "صحيحه" رقم (٤٣٦٣).
(٢) في "صحيحه" رقم (٤٦٥٦).
(٣) في "صحيحه" رقم (٣١٧٧).
(٤) في "صحيحه" رقم (١٣٤٧).
(٥) رواه أحمد في "المسند" (٢/ ٢٩٩).