للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المشركين ورسوله، ولا يحجُّ هذا البيت بعد العام مشركٌ. قال: فكنت أنادي حتى صحِل صوتي. وهذا إسنادٌ جيدٌ لكن فيه نكارةٌ من جهة قول الراوي: إنَّ من كان له عهدٌ فأجله إلى أربعة أشهرٍ. وقد ذهب إلى هذا ذاهبون، ولكنَّ الصحيح أن من كان له عهدٌ، فأجله إلى أمده بالغًا ما بلغ ولو زاد على أربعة أشهرٍ، ومن ليس له أمدٌ بالكلية، فله تأجيل أربعة أشهرٍ، بقي قسمٌ ثالثٌ وهو من له أمدٌ يتناهى إلى أقلَّ من أربعة أشهرٍ من يوم التأجيل، وهذا يحتمل أن يلتحق بالأوَّل فيكون أجله إلى مدته وإن قلَّ، ويحتمل أن يقال: إنه يؤجَّل إلى أربعة أشهرٍ؛ لأنه أولى ممن ليس له عهدٌ بالكلية، والله تعالى أعلم.

وقال الإمام أحمد (١): حدَّثنا عفان، ثنا حمَّادٌ، عن سماكٍ، عن أنس بن مالكٍ، أن رسول الله بعث بـ "براءةٌ" مع أبي بكرٍ، فلمَّا بلغ ذا الحليفة قال: "لا يبلِّغها إلا أنا أو رجلٌ من أهل بيتي". فبعث بها مع عليّ بن أبي طالب.

وقد رواه الترمذي (٢) من حديث حماد بن سلمة، وقال: حسنٌ غريبٌ من حديث أنس.

وقد روى عبد الله بن أحمد (٣)، عن لُوَيْن، عن محمد بن جابر، عن سماك، عن حنشٍ، عن عليٍّ أن رسول الله لما أردف أبا بكر بعليٍّ فأخذ منه الكتاب بالجحفة، رجع أبو بكر فقال: يا رسول الله، نزل فيَّ شيءٌ؟ قال: "لا، ولكن جبريل جاءني فقال: لا يؤدِّي عنك إلا أنت أو رجلٌ منك". وهذا ضعيف الإسناد، ومتنه فيه نكارةٌ، والله أعلم.

وقال الإمام أحمد (٤): حدَّثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن زيد بن يُثيع -رجل من همدان- قال: سألنا عَلِيًّا: بأيّ شيءٍ بُعِثتَ؟ يوم بعثه رسول الله مع أبي بكر في الحجة، قال: بأربع؛ لا يدخل الجنة إلا نفسٌ مؤمنةٌ، ولا يطوف بالبيت عريانٌ، ومن كان بينه وبين رسول الله عهد فعهده إلى مدته، ولا يحجُّ المشركون والمسلمون بعد عامهم هذا. وهكذا رواه الترمذي (٥)، من حديث سفيان -هو ابن عُيَيْنة- عن أبي إسحاق السَّبيعيِّ، عن زيد بن يُثيع، عن عليٍّ به، وقال: حسنٌ صحيحٌ. ثم قال: وقد رواه شعبةُ، عن أبي إسحاق فقال: عن زيد بن أُثيل، ورواه الثوريُّ، عن أبي إسحاق، عن بعض أصحابه، عن عليٍّ.

قلت: رواه ابن جرير (٦)، من حديث معمرٍ، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن عليٍّ.


(١) رواه أحمد في "المسند" (٣/ ٢١٢).
(٢) رواه الترمذي رقم (٣٠٩٠).
(٣) في "المسند" (١/ ١٥١).
(٤) رواه أحمد في "المسند" (١/ ٧٩).
(٥) في "جامعه" رقم (٣٠٩٢).
(٦) انظر "تفسير الطبري" (١٠/ ٦٤).