للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأنَّا نذودُ المُعْلمين (١) إذا انْتَخَوْا … ونَضْربُ رأس الأصيدِ المُتَفاقِمِ

وإنَّ لَنا المِرْبَاع (٢) في كلِّ غَارَة … نُغير بنجدٍ أو بأرْضِ الأعاجمِ

قال: فقام حسان فأجابه فقال (٣) [من الطويل]

هَل المَجْدُ إلَّا السُؤْدَد العَوْدُ والنَّدَى … وجَاهُ المُلوكِ واحْتِمالُ العَظَائمِ

نَصَرْنا وَآوَيْنا النبيَّ مُحمَّدًا … عَلى أنْفِ رَاضٍ منْ مَعَدٍّ وَرَاغِمِ

بِحيٍّ (٤) حرِيدٍ أصْلُهُ وَثَراؤُة (٥) … بجَابيَةِ الجَوْلان وَسْطَ الأعَاجِمِ

نَصَرْناهُ لمَّا حَلّ بَيْنَ بُيوتنا (٦) … بأسيافِنَا مِنْ كُلّ بَاغٍ وظَالِمِ

جَعَلْنَا بَنِينَا دُونَهُ وَبَناتِنَا … وَطبِنَا لَهُ نَفْسًا بفيءِ المَغَانِمِ

وَنحْنُ ضَرَبْنَا النَّاسَ حَتَّى تَتَابَعُوا … عَلَى دِينه بالمُرهَفَاتِ الصَّوارِمِ

ونَحْنُ ولدْنا منْ قُريشٍ عَظيمَها … ولَدنا نبيَّ الخَيْرِ مِنْ آلِ هَاشِمِ

بَنِي دارِمٍ لا تَفْخَرُوا إنَّ فَخْرَكُمْ … يَعُودُ وَبَالًا عِنْدَ ذِكْرِ المَكَارِمِ

هَبِلْتُم (٧) عَلَيْنَا تَفْخَرون وأنتُمُ … لَنا خَوَلٌ من بَيْن (٨) ظِئْرٍ وَخَادِم

فَإنْ كُنْتُمُ جِئْتم لِحَقْنِ دِمَائِكُمْ … وَأمْوالِكُم أن تُقْسَمُوا في المقاسمِ

فلا تَجْعَلُوا للهِ نِدًّا وَأَسْلِمُوا … وَلا تَلْبَسُوا زِيًا كزيِّ الأعاجِمِ

قال ابن إسحاق: فلما فرغ حسان بن ثابت من قوله، قال الأقرع بن حابس: وأبي إن هذا الرجل لَمُؤَتَّيً (٩) له، لَخطيبُهُ أخطبُ من خطيبنا، ولَشاعرُه أشعرُ من شاعرنا، ولأصواتُهم أعلى من أصواتنا.

قال: فلما فرغ القوم أسلموا وجَوَّزَهم رسول الله فأحسن جوائزهم.

وكان عمرو بن الأهتم قد خلّفه القوم في رحالهم وكان أصغرَهم سِنًا، فقال قيس بن عاصم -وكان يبغض عمرو بن الأهتم- يا رسول الله إنه كان رجل منَّا في رحالنا وهو غلام حدَث، وأزرى به، فأعطاه


(١) المعلِمين: الذين يضعون علامة ليعرفوا بها في القتال.
(٢) المرباع: ما يأخذه الرئيس، وهو ربع الغنيمة (اللسان: ربع).
(٣) الديوان (١/ ١٠٩).
(٤) حريد: منفرد لعزته (القاموس: حرد).
(٥) في سيرة ابن هشام "أصله وذِماره".
(٦) في سيرة ابن هشام: "لما حلّ وسط ديارنا" وفي الديوان: "لما حل وسط رحالنا".
(٧) هَبِل فلان: فقد عقله وتمييزه. المعجم الوسيط (هبل).
(٨) في الديوان وسيرة ابن هشام: "ما بين".
(٩) أتَّى الشيء: هيأه وسهله. المعجم الوسيط (أتّى).