للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسول الله مثل ما أعطى القومَ. فقال عمرو بن الأهتم حين بلغه أن قيسًا قال ذلك يهجو (١): [البسيط]

ظَلِلْتَ مُفْتَرِشَ الهَلْبَاءِ تَشْتِمُني … عِنْدَ الرَّسُول فَلَمْ تَصْدُقْ وَلَمْ تُصِبِ

سُدْنَاكُمُ سُؤْدُدًا رَهْوًا (٢) وَسُؤْدُدُكُمْ … بَادٍ نَوَاجِذُهُ مُقْعٍ على الذَّنبِ

وقد روى الحافظ البيهقي (٣) من طريق يعقوب بن سفيان، حدّثنا سليمان بن حرب، حدّثنا حماد بن زيد، عن محمد بن الزبير الحنظلي (٤)، قال:

قدم على رسول الله الزِّبْرقان بن بَدْرٍ، وقَيْسُ بنُ عاصمٍ، وعَمْرو بن الأَهْتم. فقال لعمرو بن الأهتم: أخبرني عن الزِّبرقان، فأما هذا فلستُ أسألكَ عنه. وأراه كان قد عرف قيسًا. قال: فقال: مطاع في أدْنَيْه، شديد العارضة، مانع لما وراء ظهره. فقال الزِّبرقان: قد قال ما قال، وهو يعلمُ أنّي أفضلُ مما قال. قال: فقال عمرو: والله ما علمتك إلا زَمِرَ (٥) المُروءة، ضَيِّقَ العَطَن (٦)، أحمقَ الأب، لئيمَ الخال، ثم قال: يا رسولَ الله، قد صدقتُ فيهما جميعًا، أرضاني فقلت بأحسن ما أعلم فيه، وأسخطني فقلت بأسوأ ما أعلم. قال: فقال رسول الله : "إنَّ من البيانِ سحرًا" (٧) وهذا مرسل من هذا الوجه.

قال البيهقي (٨): وقد رُوي من وجهٍ آخرَ موصولًا، أخبرنا أبو جعفر كامل بن أحمد المُسْتَملي، حدّثنا محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن عثمان البغدادي (٩)، حدّثنا محمد بن عبد الله بن الحسن العلاف ببغداد، حدّثنا عليّ بن حَرْبٍ الطّائي، أنبأنا أبو سَعْدٍ الهيثمُ بن مَحْفوظٍ، عن أبي المُقَوِّم يحيى بن يزيد الأنصاري، عن الحكم [بن عتيبة] (١٠)، عن مِقْسَم، عن ابن عباس. قال: جلس إلى


(١) البيتان ثلاثة في ديوان عمرو بن الأهتم -الرسالة- (٨١ - ٨٢) برواية أخرى مختلفة وبخاصة في البيت الثاني، وهما في السيرة النبوية (٢/ ٥٦٧).
(٢) أي متتابعةً، غارة رهو: متتابعة أيضًا، وجاءت الخيل رهوًا: متتابعة لينة. المعجم الوسيط (رهو).
(٣) دلائل النبوة للبيهقي (٥/ ٣١٦).
(٤) محمد بن الزبير الحنظلي، متروك، وهو تابعي يروي عن أبيه وعن الحسن البصري وغيرهما، والذي يرويه غرائب وأفراد.
(٥) في أ و ط "زَيِر" وهو تصحيف وما أثبتناه من دلائل النبوة. وفي القاموس (زمر): (والزَّمِرُ ككتف: القليل المروءة).
(٦) العطن: مكان الإبل (القاموس: عطن).
(٧) وهو مرسل كما قال المصنف .
(٨) دلائل النبوة (٥/ ٣١٧).
(٩) في آ عثمان بن البغدادي وما أوردناه من ط ودلائل النبوة.
(١٠) الزيادة من دلائل النبوة.