للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البَاعِثُ النَّوْحَ في مَآتمِهِ … مِثْلَ الظِّبا الأبْكارِ بالجَرَدِ (١)

فَجَّعَنِي البَرْقُ وَالصَّواعِق (٢) بالـ … ــفارس يَوْمَ الكَرِيهَةِ النُّجُدِ (٣)

والحَارَبِ الجَابرِ الحَريبَ إذا … جاءَ نَكيبًا وإنْ يَعُدْ يَعُدِ (٤)

يَعْفُو على الجَهْدِ والسُّؤالِ كَمَا … يَنْبُتُ غَيْثُ الرَّبيع (٥) ذُو الرَّصَدِ (٦)

كُلُّ بَني حَرَّةٍ مَصِيرُهُمُ … قُلٌّ وإنْ كَثُرُوا (٧) مِنَ العَدَدِ

إن يُغْبَطُوا يُهْبَطُوا وإِنْ أَمِروا (٨) … يوْمًا فَهُمْ لِلْهَلاكِ والنَّفَدِ (٩)

وقد روى ابن إسحاق عن لبيد أشعارًا كثيرة في رثاء أخيه لأمه أرْبَد بن قيس، تركناها اختصارًا واكتفاءً بما أوردناه، والله الموفق للصواب.

قال ابن هشام (١٠): وذكر زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس قال: فأنزل الله ﷿ في عامر وأرْبَد: ﴿اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ (٨) عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ (٩) سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ (١٠) لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ﴾ [الرعد: ٨ - ١١] (١١). يعني محمدًا ثم ذكر أربد وقتله فقال الله تعالى: ﴿وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ (١١) هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ (١٢) وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ﴾ [الرعد: ١١ - ١٣].

قلت: وقد تَكَلَّمْنا على هذه الآيات الكريمات في سورة "الرعد" (١٢). ولله الحمد والمنة.


(١) الجرد: الأرض المستوية وجمعها: أجراد (شرح الديوان).
(٢) في الديوان: (الرعد والصواعق).
(٣) النجد: البطل ذو النجدة (شرح الديوان).
(٤) الحارب: من يحرب الأموال. الجابر: الذي يجبر من قد حُرب ماله. نكيب: مصاب. يقول: إذا جاء الحريب نكيبًا أي منكوبًا وإن بعد الحريب للسؤال يعد له أربد بالعطاء. (شرح الديوان).
(٥) في شرح الديوان: (كما أنزل صوب الربيع ذي الرصد).
(٦) يعفو: يكثر، ومنه قوله تعالى: ﴿حَتَّى عَفَوْا﴾ [الأعراف: ٩٥]. أي: كثروا. الصوب: المطر. الرصد: المطر يكون أول الزمان (شرح الديوان).
(٧) في الديوان والسيرة: ( .. وإن كثرت … ).
(٨) أمِروا: كثروا.
(٩) في شرح الديوان: (يومًا يصيروا للهُلْكِ والنَّكَدِ). ومعنى أمروا في شرح الديوان: كثروا.
(١٠) سيرة ابن هشام (٢/ ٥٧١ - ٥٧٣).
(١١) وتتمة الآية: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ﴾.
(١٢) انظر تفسير ابن كثير (٤/ ٣٥٧ - ٣٦٧).