للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الإمام أحمد (١): حدّثنا أبو المغيرة، حدّثنا صفوان، حدّثني راشدُ بن سَعْدٍ، عن عاصم بن حُمَيْد السكوني، عن معاذ بن جبل، قال لما بعثه رسول الله -إلى اليمن، خرج معه يُوصيه، ومعاذٌ راكبٌ ورسولُ الله يمشي تحتَ راحلته، فلما فرغَ قال: "يا معاذُ إنكَ عسى ألّا تلقاني بعد عامي هذا، ولعلَّكَ أن تمرَّ بمسجدي هذا وقبري" (٢) فبكى معاذٌ جَشعًا (٣) لفراقِ رسول الله ، ثم التفتَ بوجههِ نحوَ المدينة فقال: "إن أولى النّاسِ بي المُتَّقون، مَنْ كانوا وحيثُ كانوا".

ثم رواه (٤) عن أبي اليَمانِ، عن صَفْوان بن عمرو، عن راشد بن سَعْدٍ، عن عاصمِ بن حُمَيْدِ السَّكوني:

أنّ مُعاذًا لما بَعَثَهُ رسولُ الله إلى اليمن خرجَ معه يوصيه، ومعاذٌ راكبٌ، ورسولُ الله يمشي تحتَ راحلته، فلما فرغ قال: "يا معاذُ، إنَّكَ عسى ألَّا تلقاني بعدَ عامي هذا، ولعلَّكَ أن تمرّ بمسجدي هذا وقبري" فبكى معاذٌ جَشَعًا لفراق رسول الله . فقال: "لا تَبْكِ يا مُعاذ، للبكاء أوانٌ، البكاءُ من الشيطان".

وقال الإمام أحمد (٥): حدّثنا أبو المُغيرة، حدّثنا صَفْوان، حدّثني أبو زياد يحيى بن عُبيد الغساني، عن يزيد بن قُطَيْبٍ، عن معاذ أنّه كان يقول:

بَعَثَني رسولُ الله إلى اليمن فقال: "لعلكَ أن تمرّ بقَبْري ومَسْجدي، فقد بَعَثْتُكَ إلى قومٍ رقيقةٍ قُلوبُهم، يُقاتلون على الحقّ. مَرَّتَيْن. فقاتِلْ بمَنْ أطاعَكَ منهم منْ عَصاك، ثم يَفيئونَ إلى الإسلام، حتى تبادِرَ المَرْأةُ زوجَها، والولدُ والده، والأخ أخاه، فانزل بين الحيين، السَّكُون والسكاسك" (٦).

وهذا الحديث فيه إشارةٌ وظُهورٌ وإيماءٌ إلى أنَّ مُعاذًا لا يجتمع بالنبيّ بعد ذلك، وكذلك وقع، فإنَّه أقامَ باليمن حتّى كانت حِجَّة الوَداعِ، ثم كانت وفاتُه بعد أحدٍ وثمانين يومًا من يوم الحجِّ الأكبر.

فأما الحديث الذي قال الإمام أحمد (٧): حدّثنا وكيع، عن الأعمش، عن أبي ظَبْيان، عن مُعاذٍ أنّه لما رجعَ من اليمن قال: يا رسولَ الله، رأيتُ رجالًا باليمن يسجدُ بعضُهم لبعضٍ، أفلا نسجدُ لكَ!؟ قال: "لو كنتُ آمرًا بشرًا أن يَسْجُدَ لبشرٍ لأمرتُ المرأةَ أن تَسْجُدَ لزَوْجها".


(١) مسند الإمام أحمد (٥/ ٢٣٥)، وإسناده صحيح.
(٢) في مسند الإمام أحمد "أو قبري".
(٣) الجشع: الجزع لفراق الإلف (النهاية: جشع).
(٤) مسند الإمام أحمد (٥/ ٢٣٥)، وإسناده صحيح.
(٥) مسند الإمام أحمد (٥/ ٢٣٥)، وإسناده ضعيف بطوله لانقطاعه، فإن أبا ظبيان، واسمه حصين بن جندب لم يدرك معاذًا وقوله: "لعلك أن تمر بقبري ومسجدي" إسناده صحيح كما في الذي قبله، ولرقة قلوب أهل اليمن شواهد.
(٦) جمهرة أنساب العرب ٤٧٧.
(٧) مسند الإمام أحمد (٥/ ٢٢٧).