للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد رواه أبو حاتم بن حِبّان في "صحيحه"، فقال (١): حدَّثنا محمد بن إسحاق بن خزيمة، حدَّثنا محمَّد بن بشَّار، حدَّثنا صَفْوانُ بن عيسى، حدَّثنا الحارثُ بن عبد الرحمن بن أبي ذُباب، عن سَعيد المقبري، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللَّه : "لما خلقَ اللَّه آدمَ ونفخَ فيه الرُّوح عطسَ، فقال: الحمدُ اللَّه، فحمدَ اللَّه بإذن اللَّه. فقال له ربَّه: يرحمُك ربُّك يا آدم، اذهبْ إلى أولئكَ الملائكة، إلى ملأٍ منهم جلوسٌ، فسلِّم عليهم، فقال: السَّلام عليكم. فقالوا: وعليكم السَّلام ورحمة اللَّه. ثم رجعَ إلى ربِّه، فقال: هذه تحيَّتُك وتحيَّةُ بنيكَ بينهم. وقال اللَّه -ويداهُ مقبوضتان- اخترْ أيهما شئتَ. فقال: اخترتُ يمينَ ربِّي، وكلتا يديْ ربِّي يمينٌ مباركة. ثمَّ بسطَهما فإذا فيهما آدمُ وذريَّتُه. فقال: أي ربِّ: ما هؤلاء؟ قال: هؤلاء ذريَّتُك، وإذا كلُّ إنسان منهم مكتوبٌ عمرُه بين عينيْه، وإذا فيهم رجل أضْوَؤُهم -أو منْ أضْوَئِهم- لم يُكتبْ له إلا أربعونَ سنة. قال: يا ربِّ! ما هذا؟ قال: هذا ابنُك داود، وقد كتبَ اللَّه داود، وقد كتبَ اللَّه عمرَه أربعين سنة. قال: أي ربِّ: زدْ في عُمُره. فقال: ذاكَ الذي كُتِبَ له. قال: فإنِّي قد جعلتُ له من عُمُري ستينَ سنة. قال: أنتَ وذاك، اسكن الجنَّة، فسكنَ الجنَّة ما شاءَ اللَّه، ثم أُهبطَ منها.

وكان آدمُ يعدُّ لنفسه، فأتاه مَلَكُ الموتِ، فَقالَ له آدمُ: قد عجلتَ قد كتبَ لي ألفَ سنةٍ. قال: بلى، ولكنَّك جعلتَ لابنكَ داودَ منها ستينَ سنةً، فجَحَدَ آدمُ فجَحَدَتْ ذرِّيتُه، ونسيَ فنسيتْ ذريَّته، فيومئذ أمر بالكتابِ والشُّهود" هذا لفظه.

وقال الترمذي (٢): حدَّثنا عبدُ بن حُميد، حدَّثنا أبو نُعَيْم، حدَّثنا هشام بن سَعْد، عن زيد بن أسلمَ، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللَّه : "لما خلقَ اللَّه آدمَ مسحَ ظهرَه، فسقطَ من ظهره كل نَسَمةٍ هو خالقُها من ذريَّته إلى يوم القيامة، وجعلَ بينَ عينيْ كلِّ إنسانٍ منهم وَبِيْصًا (٣) من نور، ثم عرضَهم على آدمَ، فقال: أيْ ربِّ! منْ هَؤلاء؟ قال: هؤلاء ذريَّتُك. فرأى رجلًا منهم فأعجبَه وبيصُ ما بينَ عينيْه، فقال: أي ربّ! منْ هذا؟ قال: هذا رجلٌ من آخر الأمم من ذريَّتِكَ، يقال له: داود. قال: ربِّ وكم جعلتَ عمرَه. قال: ستينَ سنة. قال: أي ربّ زِدْه من عُمري أربعين سنةً. فلما انقضى عمرُ آدمَ جاءَه مَلَكُ الموت. قال: أو لم يبقَ من عُمُري أربعونَ سنة. قال: أو لم تُعْطِها ابنَك داود. قال: فجحدَ فجَحَدتْ ذريَّته، ونسي آدمُ، فنسيتْ ذريَّتُه، وخَطِئَ آدمُ فَخطئتْ ذريَّتهُ" ثم قال الترمذي: حسن صحيح، وقد روى من غير وجه عن أبي هريرة عن النبي .


(١) الإحسان (٦١٦٧).
(٢) في جامعه (٣٠٧٦) في التفسير.
(٣) الوبيص: البريق.