للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كنت مع علي بن أبي طالب في خيله التي بعثه [فيها] رسول الله إلى اليمن، فجفاني عليٌّ بعض الجفاء، فوجدت في نفسي عليه، فلما قدمت المدينة اشْتكيْتُه في مجالس المدينة وعندَ منْ لقيتُه، فأقبلتُ يومًا ورسولُ الله جالسٌ في المسجد، فلمّا رآني أنظرُ إلى عَيْنَيْه نظر إليَّ، حتى جلستُ إليه، فلما جلستُ إليه قال: "إنه والله! يا عمرو بن شاس لقد آذيتني". فقلت: إنا لله وإنّا إليه راجعون، أعوذ بالله والإسلام أن أوذي رسول الله. فقال: "من آذى عليا فقد آذاني". وقد رواه البيهقي (١) من وجهٍ آخر عن ابن إسحاق، عن أبانٍ، عن الفضل بن معقل بن سنان، عن عبد الله بن نيار، عن خاله عمرو بن شاس فذكره بمعناه (٢).

وقال الحافظ البيهقي (٣): أنبأنا محمد بن عبد الله الحافظ، أنبانا أبو إسحاق المزكِّي (٤) [أنبانا أبو عبد الله أحمد بن علي الجوزجاني، حدّثنا أبو] (٥) عبيدة بن أبي السَّفَر، سمعتُ إبراهيم بن يوسف بن أبي إسحاق، عن أبيه، عن أبي إسحاق، عن البراء.

أن رسول الله بعث خالد بن الوليد إلى أهل اليمن يدعوهم إلى الإسلام، قال البراء: فكنت فيمن خرج مع خالد فأقمنا ستة أشهر يدعوهم إلى الإسلام، فلم يجيبوه، ثم إن رسول الله بعثَ عليَّ بن أبي طالب وأمره أن يُقْفِل خالدًا، إلا رجلًا كان ممن مع خالد فأحبَّ أن يُعَقِّبَ مع علي فليُعَقِّب معه. قال البراء: فكنت فيمن عَقَّبَ مع عليّ، فلما دنونا من القوم خرجوا إلينا، فصلّى بنا علي، ثم صفنا صفًّا واحدًا، ثم تقدم بين أيدينا وقرأ عليهم كتابَ رسول الله فأسلمتْ هَمْدان جميعًا، فكتب على إلى رسول الله بإسلامهم. فلما قَرأ رسولُ الله الكتاب خَرَّ ساجدًا ثم رَفَعَ رأسَه فقال: "السلام على هَمْدان، السلام على همدان".

قال: البيهقي (٦). رواه البخاري مختصرًا من وجه آخر عن إبراهيم بن يوسف (٧).

وقال البيهقي (٨): أنبأنا أبو الحسين محمد بن [الحسين بن محمد بن] الفضل القطان، أنبانا


(١) دلائل النبوة (٥/ ٣٩٤ - ٣٩٥) والزيادة منه.
(٢) قال ابن حجر في الإصابة (٢/ ٥٤٢): "أخرجه الإمام أحمد [٣/ ٤٨٣] والبخاري في تاريخه [٦/ ٣٠٦] وابن حبان في صحيحه وابن منده بعلوٍّ من طريق محمد بن إسحاق"، أقول: وجملة "من آذى عليًا فقد آذاني" لها شواهد، فهي حسنة.
(٣) دلائل النبوة (٥/ ٣٩٦).
(٤) ط: (المولى) وانظر سير أعلام النبلاء (١٦/ ١٦٣).
(٥) الزيادة من التاريخ الكبير (٦/ ٣٠٦) والإصابة (٢/ ٥٤٢).
(٦) دلائل النبوة (٥/ ٣٩٦).
(٧) صحيح البخاري رقم (٤٣٤٩) في المغازي باب بعث علي بن أبي طالب.
(٨) دلائل النبوة (٥/ ٣٩٨) والزيادة منه.