للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبو سهل بن زياد القطان، حدّثنا إسماعيل بن [إسحاق، حدّثنا إسماعيل بن] أبي أويس، حدّثني أخي عن سليمان بن بلال، عن سَعْد بن إسحاق بن كعب بن عُجْرة، عن عمته زَيْنب بنت كَعْب بن عُجْرَة، عن أبي سعيد الخُدْري. أنه قال:

بعث رسولُ الله علي بن أبي طالب إلى اليمن. قال أبو سعيد: فكنتُ فيمن خَرجَ معه، فلما أخذ من إبل الصَّدقة سألناه أن نركب منها ونُريح إبلنا - وكُنَّا قد رأينا في إبلنا خللًا - فأبى علينا، وقال: إنما لكم فيها سهمٌ كما للمسلمين. قال: فلما فرغَ عليٌّ وانصرف (١) من اليمن راجعًا أمَّر علينا إنسانًا، وأسرعَ هو فأدركَ الحَجَّ، فلما قضى حجتهُ قال له النبي : "ارجعْ إلى أصحابِكَ حثى تَقْدَم عليهم" قال أبو سعيد: وقد كُنَّا سألْنا الذي أستَخْلَفَه ما كان عليَّ منعنا إيّاه، ففعل، فلما عرف في إبل الصدقة أنها قد رُكبَت، ورأى أثَرَ الراكب، فذمَّ (٢) الذي أمَّره ولامه، فقلت: أما إن الله عليَّ، لئن قدمتُ المدينةَ لأذكُرنَّ لرسول الله ولأُخْبِرَنَّه ما لقينا من الغِلْظَةِ والتَّضييقِ. قال فلمّا قَدِمنا المدينةَ غدوتُ إلى رسولِ الله أريدُ أن أفعلَ ما كنتُ حلفتُ عليه، فلقيتُ أبا بكرٍ خارجًا من عند رسولِ الله ، فلما رآني وقف معي ورحَّبَ بي وساءلني وساءلتُه، وقال: متى قدمتَ؟ فقلتُ: قدمتُ البارحةَ، فرجعَ معي إلى رسول الله ، فدخل وقال: هذا سعد بن مالك بن الشَّهيد. فقال: "ائذن له" فدخلتُ، فحييتُ رسولَ الله وحَيّاني، وأقبل عليَّ، وسألني عن نَفْسي وعن أهْلي، وأحفَى المَسْألَةَ، فقلتُ: يا رسولَ اللهِ ما لقينا من علي من الغِلْظَة وسوءَ الصُحْبة والتَّضْييقِ، فانتبذ (٣) رسول الله، وجعلتُ أنا أعدّد ما لَقينا منه، حتى إذا كنتُ في وسطِ كلامي ضربَ رسولُ الله على فخذي، وكنت منه قريبًا، وقال: "يا سعدَ بنَ مالكٍ بن الشَّهيد، مَهْ، بعضَ قولكَ لأخيكَ علي، فواللّه لقد علمت أنه أخشنَ في سبيل الله".

قال: فقلتُ في نفسي: ثَكِلَتْكَ أمُّكَ سعدَ بنَ مالكٍ ألا أُراني كنتُ فيما يَكْرَه منذُ اليوم، ولا أدْري، لا جَرَمَ واللهِ لا أذكُرُهُ بسوءً أبدًا، سرًّا ولا علانية.

وهذا إسنادٌ جيدٌ على شرطِ النَّسائي، ولم يَرْوهِ أحدٌ من أصحاب الكتب الستة (٤).

وقد قال يونس (٥) عن محمد بن إسحاق، حدّثني يحيى بن عبد الله بن أبي عَمْرَة، عن يزيد بن طلحة بن يزيد بن رُكانة قال: إنما وَجَد جيشُ عليّ بن طالب الذين كانوا معه باليمن، لأنَّهم حين أقبلوا خلَّفَ عليهم رجلًا، وتعجَّل إلى رسول الله . قال؛ فعمدَ الرجلُ فكسا كل رجُلٍ حُلَّة، فلما دَنَوْا خَرج


(١) ط: (وانطفق).
(٢) ط: (الركب قدم).
(٣) ط: (فاتئد).
(٤) أخرج بعضه الإمام أحمد في مسنده (٣/ ٨٦) مختصرًا، وكذا ابن هشام في السيرة (٤/ ٢٧٤ - ٢٧٥).
(٥) يونس هو ابن بكير الراوي عن ابن إسحاق، وأورده ابن هشام في السيرة (٤/ ٢٧٤) بنحوه، والزيادة منه.