للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال البخاري (١): حدّثنا محمد بن أبي بكر المُقدَّمي، حدّثنا فُضَيْل بن سليمان، حدّثنا موسى بن عُقبة، أخبرني كُرَيْب عن ابن عباس قال: انطلقَ النبيّ من المدينة بعدما ترجَّل (٢) وادَّهن ولبس إزاره ورداءه، ولم يَنْهَ عن شيءٍ من الأردية ولا الأُزُر [تُلبس] (٣) إلا المُزَعْفَرة التي تَرْدَع على (٤) الجلد (٥) فأصبح بذي الحُلَيْفة ركب راحلته حتى استوى على البَيْداء، [أهلّ هو وأصحابه وقلّد بدنته] (٣)، وذلك لخمس بقين من ذي القعدة، فقدم مكة لخمس (٦) خلون من ذي الحجة (٧).

تفرَّد به البخاري.

فقوله: وذلك لخمس بقين من ذي القعدة، إن أراد به صبيحة يومه بذي الحُلَيْفة صح قول ابن حزم في دعواه أنّه خرج من المدينة يومَ الخميس، وبات بذي الحُلَيفة ليلة الجمعة، وأصبح بها يوم الجمعة، وهو اليوم الخامس والعشرون من ذي القعدة. وإن أراد ابنُ عبّاس بقوله: وذلك لخمس بقين من ذي القعدة يومَ انطلاقه من المدينة بعدما ترجَّل وادّهن ولبس إزاره ورداءه، كما قالت عائشة وجابر: إنّهم خرجوا من المدينة لخمسٍ بقين من ذي القعدة، بَعُدَ قولُ ابن حزم، وتعذَّر المصيرُ إليه، وتعيَّن القول بغيره، ولم ينطبق ذلك إلا على يوم الجمعة، إن كانَ شهر ذي القعدة كاملًا، ولا يجوز أن يكون خروجه من المدينة كان يوم الجمعة، لما روى البخاري (٨) حدّثنا موسى بن إسماعيل، حدّثنا وُهَيْب، حدّثنا أيوب، عن أبي قِلابة، عن أنس بن مالك قال: صلى رسول الله ونحنُ معه الظهرَ بالمدينة أربعًا، والعصر بذي الحُلَيْفَة ركعتين، ثم بات بها حتى أصبح، ثم ركب حتى استوت به راحلته على البَيْداء، حَمِدَ اللّهَ ﷿، وسبّح، [وكبَّر] ثم أهلّ بحج وعُمرة.

وقد رواه مسلم (٩) والنسائي (١٠) جميعًا عن قتيبة، عن حماد بن زيد، عن أيوب، عن أبي قِلابة،


(١) صحيح البخاري (١٥٤٥) في الحج باب ما يلبس المحرم من الثياب والأردية والأزر.
(٢) الترجيل: تسريح الشعر (جامع الأصول ٣/ ٤٧٧).
(٣) الزيادة من صحيح البخاري.
(٤) ليس اللفظ في ط.
(٥) تردع الجلد: أي تنفض صبغها عليه (النهاية: ردع).
(٦) في صحيح البخاري وجامع الأصول (٣/ ٤٧٦) لأربع ليالي.
(٧) وتتمة الحديث: "فطاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة ولم يَحِلَّ من أجل بُدْنِه لأنه قلدها ثم نزل بأعلى مكة عند الحجون وهو مهل بالحج ولم يقرب الكعبة بعد طوافه بها حتى رجع من عرفة، وأمر أصحابه أن يطّوّفوا بالبيت وبين الصفا والمروة ثم يقصروا من رؤوسهم ثم يحلوا وذلك لمن لم يكن معه بدنة قلدها ومن كانت معه امرأته فهي له حلال والطيب والثياب".
(٨) صحيح البخاري رقم (١٥٥١).
(٩) ليس اللفظ في ط.
(١٠) صحيح مسلم رقم (٦٩٠) في صلاة المسافرين باب صلاة المسافرين وقصرها والنسائي (١/ ٢٣٤) في الصلاة باب =