للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال (١): فإنَّ معيَ الهَدْيَ. فلا تحلّ (٢). قال: فكان جماعة الهَدْي الذي قدم به عليٌّ من اليمن، والذي أتى به رسولُ الله مئة. قال: فحلّ النّاسُ كُلُّهُمْ وقَصَّروا إلا النبيّ ومن كان معه هديٌ، فلما كان يوم التَّروية توجّهوا إلى منى فأهلّوا بالحجّ. وركب رسول الله ، فصلَّى بها الظُّهْرَ والعَصْرَ والمغربَ والعشاءَ والفَجْرَ، ثم مكثَ قليلًا حتى طلعتِ الشَّمس، وأمر بقُبَّة له من شعر. فضُربت له بنَمرة. فسار رسول الله ولا تَشُكُّ قريشٌ إلا أنه واقفٌ عند المَشْعَر الحَرامِ، كما كَانَتْ قريشٌ تَصْنعُ في الجاهلية، فأجازَ رسول الله حتى أتَى عرفةَ، فوجدَ القُبَّة قد ضُربَتْ له بنمِرَة، فنزل بها حتى إذا زاغت الشمس، أمر بالقَصْواء (٣) فَرُحِلَتْ له، فأتى بطنَ الوادي، فخطب الناسَ، وقال: "إنَّ دِماءَكُمْ وأمْوالَكُمْ حرامٌ عليكُمْ كحُرْمَةِ يَوْمِكُم هذا في شَهْرِكُمْ هذا، في بَلَدِكُمْ هذا، ألا كُلُّ شَيْءٍ من أمْرِ الجاهِليَّة تحتَ قَدَميَّ موضوعٌ، ودماءُ الجاهِلِية موضوعةٌ، وإنَّ أولَ دَمِ أضعُ من دِمائِنا دمُ ابنِ ربيعة بن الحارث، كان مُسْتَرضِعًا في بني سَعْدٍ، فقتلتهُ هُذَيْلٌ. وربا الجاهلية موضوع. وأوّلُ ربا أضَعُهُ من ربانا ربا (٤) العباس بن عبد المطلب فإنّه موضوعٌ كُلُّه، واتَّقُوا الله في النساء، فإنَّكمْ أخذتُمُوهُنَّ بأمانة الله، واسْتَحْلَلْتُمْ فُروجهُنَّ بكلمةِ الله، ولكُمْ عَلَيْهن (٥) أن لا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أحدًا تَكْرهونَهُ، فإنْ فَعَلْنَ ذلك فاضربوهُنَّ ضَرْبًا غيرَ مُبَرِّحٍ، ولهن عليكُمْ رزقُهُنَّ وكِسْوَتُهُنَّ بالمعروف. وقد تَرَكْتُ فيكُمْ ما لم (٦) تَضلّوا بَعْدَهُ إن اعتَصَمتُمْ (٧) به: كتابَ الله، وأنتم تُسألون عني، فما أنتم قائلون؟ " قالوا: نَشْهَدُ أنَّكَ قد بَلَّغْتَ ونَصَحْتَ وأذَيْتَ. فقا (٨) بأصبعه السّبّابة يرفعُها إلى السماء ويَنْكُتُها (٩) إلى الناس: "اللَّهُمَّ اشْهَدْ، اللَّهُمَّ اشْهَد" ثلاث مرات.

ثم أذَن بلال (١٠) ثم أقام فصلَّى الظُّهْر، ثم أقام فصلَّى العصرَ، ولم يصلِّ بينهما شيئًا، ثم ركبَ


(١) ط: (قال [علي] وليست علي في الأصول).
(٢) في الأصل: قال: فلا نحل.
(٣) القَصْواء: لقب ناقة رسول الله (النهاية: قصا).
(٤) أ: (أضعه ربا العباس) بإسقاط الجار والمجرور (من ربانا).
(٥) ط: (عليهم) خطأ.
(٦) في صحيح مسلم: لن.
(٧) ط: (اعتصتم) تحريف.
(٨) العرب تجعل القول عبارة عن جميع الأفعال، وتطلقه على غير الكلام واللسان، فقال بيده أي أخذ، وقال برجله أي مشى، وقال بعينه أي أومأ. (النهاية: قول) قلت: فالعرب يوجّهون المعنى بحسب العضو القائل، فاليد للأخذ والرجل للمشي والعين للإيماء .. وهكذا، وعلى هذا المقياس قال بالسبابة هزّها .
(٩) ينكتها: يضرب بطرفها (النهاية: نكت).
(١٠) ليس اللفظ في ط واستدركته عن أ.