للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد قال الإمام أبو عبد اللَّه الشافعي (١): أنبأنا مسلم -هو ابن خالد- الزنجي، عن ابن جُرَيْج، عن عطاء أن رسول اللَّه قال لعائشة: "طوافُكِ بالبَيْتِ وبينَ الصَّفَا والمَرْوةِ يكفيكِ لحَجّكِ وعُمْرتِكِ". وهذا ظاهره الإرسالُ، وهو مسندٌ في المعنى، بدليل ما قال الشافعي أيضًا (٢): أخبرنا ابن عيينة، عن ابن أبي نَجِيح، عن عَطاءً، عن عائشةَ، عن النبي قال الشافعي، وربما قال: سفيان، عن عطاءً؛ عن عائشة، وربَّما قال: عن عطاءٍ أنّ النبيّ قال لعائشة. . . فذكره. قال الحافظ البيهقي: ورواه ابن أبي عمر، عن سُفيان بن عُيينة موصولًا. وقد رواه مسلم (٣) من حديث وُهَيْبٍ، عن ابن طاووسٍ عن أبيه (٤) عن عائشة بمثله.

وروى مسلم (٥) من حديث ابن جُرَيْج: أخبرني أبو الزُّبير: أنَّه سمعَ جابرًا يقول: دخل رسول اللَّه على عائشة، وهي تبكي، فقال: "مالكِ تَبْكين؟ " قالت: أبكي أن الناسَ حَلّوا ولم أحِل، وطافوا بالبيت ولم أَطف وهذا الحج قد حضر. قال: "إن هذا أمرٌ قد كتبه اللَّه على بنات آدم، فاغتسلي وأهلِّي بحجٍّ" قالت: ففعلت ذلك، فلما طهُرْتُ قال: "طوفي بالبيتِ وبينَ الصفا والمروة. ثم قد حَلَلْتِ من حَجِّكِ وعمرتكِ". قالت: يا رسول اللَّه، إني أجدُ في نفسي من عُمْرتي أني لم أكن طُفْت حتى حَجَجْتُ. قال: اذهب بها يا عبد الرحمن فأعمرها من التَّنعيم. وله (٦) من حديث ابن جريج أيضًا: أخبرني أبو الزُّبير سمعت جابرًا قال: لم يطف النبيُّ وأصحابُه بين الصَّفا والمروة إلا طوافًا واحدًا.

وعند أصحاب أبي حنيفة : أنَّ النبيَّ وأصحابه الذين ساقوا الهَدْيَ كانوا قد قرنوا بين الحج والعمرة كما دلّ عليه الأحاديث المتقدمة، واللَّه أعلم.

وقال الشافعي (٧): أنبأنا إبراهيم بن محمد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي، قال في القارن: يطوف طوافَيْن ويسعى سَعْيَين (٨)، قال الشافعيُّ: وقال بعض الناس: طوافان وسعيان، واحتج فيه بروايةٍ ضعيفةٍ عن عليّ. قال: جعفر يروي عن علي قولنا، ورُوِّيناه عن النبي (٩) لكن (١٠)


(١) في مسنده (١٠٠٥) ترتيبه.
(٢) في مسنده (١٠٠٦) ترتيبه.
(٣) مسلم (١٢١١) (١٣٢).
(٤) ط: (عن ابن طاووس عن ابن عباس عن أبيه عن عائشة وأثبت ما في الصحيح).
(٥) مسلم (١٢١٣).
(٦) مسلم (١٢١٥).
(٧) السنن الكبرى للبيهقي ٥/ ١٠٧ (٩٢٠٩) من طريق الشافعي، وإسناده ضعيف.
(٨) أ: (سعيًا).
(٩) ليست الصلاة على النبي في ط. ومن هذا اللفظ إلى لفظ (فصل) ليس في أ هنا وإنما جاء قبل ورقة واحدة.
(١٠) من هذا اللفظ إلى كلمة (فصل) جاء في أ قبل صفحات حيث أشرت إليه.