للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليها، وبسطَ يَدَهُ وقال: ألا هَلْ بَلَّغْتُ؟ ألا هل بلغت!؟ ألا هل بلغت (١) ثم قال: لِيُبَلِّغِ الشّاهدُ الغائبَ، فإنَّهُ رُبَّ مُبَلِّغٍ أسعدُ من سامِعٍ". قال حُميدٌ: قال الحسنُ حينَ بلَّغ هذه الكلمة: قدْ واللَّهِ بلَّغوا أقوامًا كانوا أسعدَ به. وقد روى أبو داود في كتاب النكاح من "سننه" (٢) عن موسى بن إسماعيل، عن حماد بن سلمة، عن عليّ بن زيد بن جُدْعان، عن أبي حُرّة الرّقاشي -واسمه (٣) حنيفة- عن عمّه ببعضه في النُّشوز.

قال ابن حزم: جاءَ أنَّه خطبَ يومَ الرُّؤوسِ، وهو اليومُ الثاني من يوم النحر بلا خلافٍ عن أهل مكة، وجاء أنه أوْسَطُ أيّامِ التَّشْريقِ فتُحْمَلُ (٤) على أن أوسط بمعنى أشرف، كما قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا﴾ [البقرة: ١٤٣]. وهذا المسلك الذي سلكه ابن حزم بعيدٌ. واللَّه أعلم. وقال الحافظ أبو بكر البزّار (٥): ثنا الوليد بن عمرو بن السُّكين (٦)، ثنا أبو همام محمد بن محمد بن الزِّبْرِقان، ثنا موسى بن عبيدة، عن عبد اللَّه بن دينار، وصدقة بن يسار، عن عبد اللَّه بن عمر قال: نَزَلَتْ هذه السورةُ على رسول اللَّه بمنى وهو في أوْسَطِ أيّامِ التَّشْريقِ في حجَّةِ الوداع ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ﴾ [النصر: ١] فعرفَ أنه الوداعُ، فأمرَ براحلَتِهِ القَصْواءَ، فَرُحلَتْ له، ثم ركبَ فوقف للناس بالعقبة فاجتمعَ إليه ما شاءَ اللَّهُ من المُسْلمين فحَمِدَ اللَّهَ وأثنَى عَلَيْهِ بما هو أهله، ثم قال: أمّا بَعْدُ أيُّها النَّاسُ فإن كُلَّ دَم كانَ في الجاهلية فهو هَدَرٌ، وإنّ أولَ دِمائِكُمْ أهْدِرُ دمُ ربيعة بن الحارثِ كان مُسْتَرضِعًا في بني ليثٍ فقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ، وكلُّ ربا في الجاهليَّةِ فَهُوَ مَوْضوعٌ، وإنَّ أولَ رباكم أضعُ رِبا العَبَّاسِ بنِ عَبْدِ المُطَّلِب، أيُّها النّاسُ إنَّ الزَّمانَ قدِ اسْتدارَ كهيئتهِ (٧) يوم خلق اللَّه السماوات والأرض، وإنَّ عدّة الشُّهور عندَ اللَّه اثنا عَشَرَ شهرًا (٨)، منها أربعةٌ حُرُمٌ؛ رَجَبُ مُضَر الذي بينَ جُمادى وشَعْبان، وذو القعدة وذو الحجَّة والمُحَرَّم ﴿ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ﴾ [التوبة: ٣٦] الآية ﴿إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ﴾ [التوبة: ٣٧] كانوا يُحِلّونَ صَفَرًا عامًا، ويحرِّمون المُحَرَّم عامًا، ويُحَرِّمون صَفَرًا (٩) عامًا، ويُحِلّون المُحَرَّمَ عامًا، فذلك النَّسيءُ. يا أيها الناس (منْ كانتْ (١٠) عنده


(١) لم ترد هذه العبارة في أ إلا مرة واحدة ولم ترد في ط إلا مرتين وما أثبتّه عن المسند.
(٢) أبو داود (٢١٤٥)، وهو حديث حسن.
(٣) ط: (اسمه).
(٤) ط: (فيحتمل).
(٥) في زوائده (١١٤١) وإسناده ضعيف، ولفقراته شواهد.
(٦) أ، ط: (مسكين). وهو تحريف انظر تهذيب التهذيب (١١/ ١٤٤ - ١٤٥).
(٧) ط: (كهيئة).
(٨) ليس اللفظ في ط.
(٩) ط: (صفر) خطأ.
(١٠) ط: (كان).