للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في آخره: وكان ابن عمر يَفْعَلُه. وكذلك رواه أبو داود (١)، عن أحمد بن حنبل.

وقال البخاري (٢): ثنا الحُمَيْدي، ثنا الوليد، ثنا الأوزاعي، حدّثني الزهري عن أبي سَلَمة عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللَّه : مِن الغدِ يومَ النَّحْر بمِنًى: نحنُ نازلون غدًا بخيفِ بَني كِنانة حيث تَقاسَمُوا على الكُفْر -يعني بذلك المُحَصَّب- الحديث. ورواه مسلم (٣)، عن زُهَيْر بن حرب، عن الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي. فذكر مثله سواء.

وقال الإمام أحمد (٤): ثنا عبد الرزاق، أنبأنا معمر عن الزهري، عن علي بن الحسين، عن عمرو بن عثمان، عن أسامة بن زيد، قال: قلت: يا رسولَ اللَّه أينَ تنزِلُ غدًا؟ في حجته - قال: وهَلْ تَرَكَ لنا عَقيلٌ مَنْزِلًا، ثم قال: نحن نازلون غدًا، إن شاء اللَّه، بخَيْفِ بني كِنَانَةَ -يعني المُحَصَّب- حيث قاسَمَتْ قريشٌ على الكفر، وذلك أنَّ بني كنانة حالفَتْ قُريشًا على بني هاشمٍ أن لا يُناكِحوهم، ولا يُبايعوهُم، ولا يُؤْوهم -يعني حتى يُسْلِموا إليهم رسولَ اللَّه . ثم قال عندَ ذلك: "لا يَرِثُ المُسْلِمُ الكافِرَ، ولا الكافِرُ المُسْلمَ" قال الزهري: والخَيْفُ: الوادي. أخرجاه (٥) من حديث عبد الرزاق.

وهذان الحديثان فيهما دلالةٌ على أنّه قَصَدَ النزولَ في المُحَصَّب مُراغمةً لما كان تَمالأ عليه كفارُ قُريشٍ لمَّا كتبوا الصَّحيفة في مُصارمةِ بني هاشمٍ وبني المُطَّلب، حتى يُسْلِموا إلَيْهم رسولَ اللَّه كما قَدَّمْنا بيانَ ذلك في موضعه. وكذلك نزَلَهُ عامَ الفَتْح، فعلى هذا يكونُ نُزولُه سُنَّةً مُرَغَّبًا فيها، وهو أحدُ قَوْلَي العلماء.

وقد قال البخاري (٦): ثنا أبو نُعَيْم، أنبأنا سُفيان، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: إنَّما كان مَنْزِلًا ينزلُهُ النبيُّ ليكونَ أسمحَ لخُروجِهِ -يعني الأبْطَحَ- وأخرجه مسلم (٧) من حديث هِشام به.

ورواه أبو داود (٨)، عن أحمد بن حنبل، عن يحيى بن سعيد، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة [قالت]: إنما نَزَلَ رسولُ اللَّه المُحَصَّبَ ليكونَ أسْمَحَ لخرُوجِهِ وليسَ بسُنَّةٍ، فمنْ شاءَ نزله، ومن شاء لم يَنْزِلْه.


(١) أبو داود (٢٠١٣)، وهو حديث صحيح.
(٢) البخاري (١٥٩٠).
(٣) مسلم (١٣١٤) (٣٤٤).
(٤) مسند الإمام أحمد (٥/ ٢٠٢ - ٢٠٣) (٢١٨١٤).
(٥) البخاري (٣٠٥٨) ومسلم (١٣٥١) (٤٤٠).
(٦) البخاري (١٧٦٥).
(٧) مسلم (١٣١١) (٣٣٩).
(٨) أبو داود (٢٠٠٨) والزيادة منه.