للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبي سَعيد، قال: خَطبَ رسولُ اللَّهِ النَّاسَ، فقال: إنَّ اللَّهَ خَيَّر عَبْدًا بين الدنيا وبينَ ما عندَه، فاخْتار ذلك العبدُ ما عندَ اللَّه. قال: فبكى أبو بكر. قال: فَعَجِبْنا لبُكائِه أن يُخْبر رسولُ اللَّهِ عن عَبْدٍ (١)، فكان رسولُ اللَّه هو المُخَيَّرَ، وكان أبو بكر أعْلَمَنا به. فقال رسول اللَّه : إن أمَنَّ الناسِ عَلَيَّ في صُحْبَتِهِ ومالِه أبو بكر، لو كُنْتُ مُتَّخذًا خَليلًا غيرَ ربي لاتَّخَذْتُ أبا بكرٍ (٢)، ولكنْ خُلَّةُ الإسلام ومودَّتُه، لا يَبْقَى في المسجدِ بابٌ إِلَّا سُدَّ، إِلَّا بابَ أبي بكر. وهكذا رواه البخاري (٣) من حديث أبي عامر العَقَدي به. ثُمَّ رواه الإمامُ أحمد (٤) عن يونس، عن فُلَيْحٍ، عن سالم أبي النَّضْر، عن عُبَيْد بن حُنَيْن وبُسْر (٥) بن سعيد عن أبي سعيد به. وهكذا رواه البخاريّ (٦) ومسلم (٧) من حديث فُلَيْحٍ ومالك بن أنس، عن سالمٍ عن بُسْر بن سَعيد، وعُبَيْد بن حُنَين كلاهما عن أبي سعيد بنحوه.

وقال الإمام أحمد (٨): حدَّثنا أبو الوليد، ثنا هشام، ثنا أبو عَوانة، عن عبد الملك، عن ابن أبي المُعَلَّى، عن أبيه: أنَّ رسولَ اللَّه خَطبَ يَوْمًا فقال: إنَّ رجُلًا خَيَّرهُ رَبُّه بينَ أن يعيشَ في الدُّنْيا ما شاء أنْ يَعيشَ فيها، يأكلُ من الدنيا ما شاءَ أنْ يأكلَ منها، وبينَ لقاءَ ربِّه، فاخْتارَ لِقاءَ ربِّه، فبكى أبو بكر، فقال أصحاب رسول اللَّه : ألا تَعْجبون من هذا الشيخ أنْ ذَكَرَ رسولُ اللَّه رَجُلًا صالحًا خَيَّرَهُ ربُّه بين الدنيا (٩) وبين لقاء ربِّه فاختار لقاءَ ربّه؟! فكان أبو بكر أعْلَمَهُمْ بما قال رسول اللَّه . فقال أبو بكر: بَلْ نَفْديكَ بأمْوالنا وأبْنائنا. فقال رسول اللَّه : ما مِنَ النّاسِ أحدٌ أمَنَّ علينا في صُحْبَتِهِ وذاتِ يَدِهِ من ابن أبي قُحافة، ولوْ كُنْتُ مُتَّخذًا خَليلًا لاتَّخَذْتُ ابن أبي قُحافة، ولكن وُدٌّ وإخاءٌ وإيمانٌ، ولكن وُدٌّ وإخاءٌ وإيمانٌ، مرتين، وإنَّ صاحبَكُمْ خَليلُ اللَّهِ ﷿. تَفَرَّدَ به أحمد. قالوا: وصوابه أبو سعيد بن المُعَلَّى. فاللَّه أعلم.

وقد روى الحافظ البيهقي (١٠) من طريق إسحاق بن إبراهيم -هو ابن راهَوَيْه- ثنا زَكَريا بن عَديّ، ثنا


(١) بعدها في المسند: (خُيّر).
(٢) بعدها في ط: (خليلًا).
(٣) البخاري (٣٦٥٤).
(٤) مسند الإمام أحمد (٣/ ١٨).
(٥) ط: (بشر) وقد تقدمت الترجمة له.
(٦) البخاري (٤٦٦، ٣٩٠٤).
(٧) مسلم (٣٣٨٢).
(٨) مسند الإمام أحمد (٣/ ٤٧٨) و (٤/ ٢١١ - ٢١٢) ورواه الترمذي رقم (٣٦٥٩) وفي إسناده ضعف، وقد استغربه الترمذي (أي: ضعّفه).
(٩) ط: (بين البقاء في الدنيا).
(١٠) دلائل النبوة للبيهقي (٧/ ١٧٦ - ١٧٧).