للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عُبَيْد اللَّه بن عَمْرٍو الرَّقِيّ، عن زيد بن أبي أُنَيْسة، عن عَمْرو بن مُرَّة، عن عبد اللَّه بن الحارث، حدّثني جُنْدب: أنّه سمعَ رسول اللَّه قبلَ أن يُتَوَفَّى بخمسٍ، وهو يقول: قد كان لي منكم إخْوةٌ وأصْدِقاءُ، وإني أبرأ إلى كُلِّ خَليلٍ من خُلَّتِهِ، ولو كُنْتُ مُتَّخذًا من أُمّتي خَليلًا لاتَّخَذْتُ أبا بكرٍ خَليلًا، وإن رَبِّي اتَّخَذَني خَليلًا، كما اتَّخذ إبراهيم خَليلًا، وإنَّ قومًا ممَّن كانَ قَبْلَكُمْ يَتَّخذونَ قُبورَ أنْبيائهم وصُلَحائِهِم مساجدَ، فلا تَتَّخِذوا القُبورَ مَساجدَ، فإنّي أنْهاكُمْ عن ذلك.

وقد رواه مسلم (١) في "صحيحه" عن إسحاق بن راهَوَيْه، بنحوه. وهذا اليومُ الذي كان قبل وفاتِه بخمسةِ أيّامٍ، هو يوم الخميس الذي ذكره ابنُ عبّاس فيما تقدم.

وقد رَوينا هذه الخطبةَ من طريق ابن عبّاسٍ، قال الحافظ البيهقيّ (٢): أنبأنا أبو الحسن عليّ بن محمدٍ المُقْرئُ، أنبأنا الحسنُ بن محمدِ بنِ إسحاق، ثنا يوسفُ بن يعقوبَ (٣). قال ثنا محمد بن أبي بكر، ثنا وهب بن جرير، ثنا أبي، سمعت يَعْلى بن حَكيم، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: خرج النَّبِيُّ في مرضه الذي ماتَ فيه عاصبًا رأسَه بخِرْقَةٍ، فصعد المنبرَ فحَمِدَ اللَّهَ وأثْنى عليه، ثم قال: إنَّه ليس من الناس أحدٌ أمنَّ عليَّ بنَفْسِه وماله من أبي بكر، ولو كُنْتُ مُتَّخذًا من الناس خَليلًا لاتَّخَذْتُ أبا بكر خليلًا، ولكن خُلَّة الإسلام أفضلُ، سُدُّوا عنّي كُلّ خَوْخةٍ في المسجد غَيْرَ خَوْخَةِ أبي بكر. ورواه (٤) البخاري (٥) عن عبدْ اللَّه بن محمد الجُعْفي، عن وهب بن جرير بن حازم، عن أبيه به. وفي قوله : سُدُّوا عَني كلَّ خَوْخةٍ، يعني: الأبواب الصغار، إلى المسجد، غَيْرَ خَوْخَةِ أبي بكر إشارة إلى الخلافة، أي: ليَخْرُجَ منها إلى الصَّلاة بالمسلمين.

وقد رواه البخاري (٦) أيضًا، من حديث عبد الرحمن بن سليمان بن حنظلة، ابن الغسيل، عن عكرمة، عن ابن عباس: أنَّ رسولَ اللَّه خرجَ في مَرَضِهِ الذي مات فيه عاصبًا رأسَه بعصابةٍ


(١) مسلم (٥٣٢) (٢٣).
(٢) في "دلائل النبوة" (٧/ ١٧٦).
(٣) بعدها في أ، ط: (هو ابن عوانة) وفي كتب الرجال ما يلي:
١ - أن يوسف بن يعقوب هو ابن إسماعيل بن حمار بن زيد بن درهم الأزدي وهو المقصود بالرواية عن محمد بن أبي بكر المقدّمي. (سير أعلام النبلاء ٤/ ٨٥).
٢ - وأما ابن عوانة فهي محرفة عن أبي عوانة.
٣ - أبو عوانة الاسفرايني هو يعقوب بن يوسف بن إبراهيم بن يزيد النيسابوري ولم يرو عن المقدمي. انظر سير أعلام النبلاء (٤/ ٤١٧).
(٤) ط: (رواه) بلا واو.
(٥) البخاري (٤٦٧).
(٦) قال (٩٧٢ و ٣٦٢٨ و ٣٨٠٠).