للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم أسند ذلك من طريق هُشَيْم، أخبرنا يونس، عن الحسن، قال هشيم: وأنبأنا حُمَيْد، عن أنس بن مالك: أنَّ رسولَ اللَّه خرجَ وأبو بكر يُصلِّي بالنّاسِ، فجلَس إلى جَنبه، وهو في بُرْدَةٍ، قد خالفَ بين طرفيها فَصَلَّى بصلاته.

قال البيهقيّ (١): وأخبرنا علي بن أحمد بن عَبْدان، أنبأنا أحمد بن عُبَيْد الصّفّار، ثنا عُبَيْد بن شَريك، أنبأنا ابنُ أبي مَرْيَم، أنبأنا محمد بن جَعْفرٍ، أخبرني حُمَيْد أنَّه سَمِعَ أنسًا يقول: آخر صلاةٍ صَلَّاها رسولُ اللَّه مع القومِ في ثوبٍ واحدٍ مُلْتحفًا به، خلف أبي بكر. قلت: وهذا إسنادٌ جيدٌ على شرط الصحيح، ولم يخرجوه. وهذا التَّقييدُ جيدٌ. بأنها آخرُ صلاةٍ صلَّاها مع الناس، صلوات اللَّه وسلامه عليه.

وقد ذكر البيهقيّ (٢) من طريق سليمان بن بلال ويحيى بن أيوب، عن حُمَيْد، عن أنس: أنَّ النبيَّ صَلّى خَلْفَ أبي بكر في ثوبٍ واحدٍ بُرْدٍ مُخالفًا بين طَرَفيْه، فلمّا أرادَ أن يقوم، قال: ادعُ لي أُسامةَ بن زيدٍ، فجاء فأسنَدَ ظَهرَهُ إلى نَحْره، فكانت آخر صلاة صلاها. قال البيهقيّ (٣): ففي هذا دلالةٌ أنَّ هذه الصلاةَ كانتْ صلاةَ الصُّبْحِ من يوم الإثنين يوم الوفاة؛ لأنّها آخرُ صلاةٍ صَلَّاها، لما ثَبَتَ أنَّه توفي ضُحَى يوم الإثنين. وهذا الذي قاله البيهقيُّ أخذهُ مُسَلِّمًا من "مغازي موسى بن عقبة" فإنّه كذلك ذَكَر. وكذا روى أبو الأسود عن عروة، وذلك ضعيف، بل هذه آخرُ صلاةٍ صَلَّاها مع القوم، كما تقدم تَقْييده في الرواية الأُخرى، والحديثُ واحدٌ فَيُحْملُ مَطْلَقُهُ على مُقَيَّدِهِ، ثم لا يجوزُ أن تكون هذه صلاةَ الصبح من يوم الإثنين يومَ الوَفاةِ، لأنَّ تلك لم يُصلِّها مع الجماعة بل في بيته، لما به من الضعف، صلوات اللَّه وسلامه عليه.

والدليل على ذلك ما قال البخاريُّ في "صحيحه" (٤): ثنا أبو اليمان، أنبأنا شُعيبٌ، عن الزهري، أخبرني أنس بن مالك، وكان تبعَ النَّبِيَّ وخدَمَه وصَحِبَهُ، أنَّ أبا بكر كان يُصلِّي لهم في وجع النَّبِيِّ الذي توفِّيَ فيه؛ حتى إذا كان يوم الإثنين، وهم صُفوف في الصلاة، فكشف النبيُّ سِترَ الحُجْرة ينظر إلينا وهو قائمٌ، كأنَّ وجَهَهُ ورقةُ مُصْحَفٍ تَبَسَّم يَضْحكُ، فَهَمَمْنا أن نَفْتَتن من الفَرَحِ برؤية النَّبِيّ (ونكصَ أبو بكرِ على عَقِبَيْهِ ليصلَ الصّفّ وظنَّ أنَّ النَّبِيَّ خارج) (٥) إلى الصلاة، فأشارَ إلينا النَّبِيُّ (٦) أن


(١) دلائل النبوة (٧/ ١٩٢).
(٢) دلائل النبوة للبيهقي (٧/ ١٩٢ - ١٩٣).
(٣) دلائل النبوة للبيهقي (٧/ ١٩٢ - ١٩٣، ١٩٧).
(٤) رقم (٦٨٠).
(٥) ليس ما بين القوسين في أ.
(٦) ليس اللفظ في أ.