للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومَالكِ لا تَبْكينَ ذا النِّعْمَةِ التي … عَلى النَّاسِ مِنْها سَابغٌ يَتَغَمَّدُ (١)

فَجُودي عَلَيْهِ بالدُّموعِ وأعْولي … لِفَقْدِ الذي لا مِثْلُهُ الدَّهْرَ يُوجَدُ

وما فَقَدَ الماضون مِثْل مُحَمَّدٍ … وَلا مِثْلُهُ حَتَّى القِيامَةِ يُفْقَدُ

أعَفَّ وَأَوْفَى ذِمَّةً بعْدَ ذِمَّةٍ … وَأَقْرَبَ مِنْهُ نَائِلًا لا يُنَكَّدُ

وأبْذَلَ مِنْهُ للطَّرِيفِ وتَالِدٍ … إذا ضَنَّ (٢) مِعْطاءٌ بِمَا كَان يتْلَدُ

وأكْرَمَ صيتًا (٣) في البُيوتِ إذا انْتَمَى … وَأكْرَمَ جَدًّا أبْطَحِيًّا يُسَوَّدُ

وَأَمْنَعَ ذِرْواتٍ وأَثْبَتَ في العُلا … دَعَائِمَ عِزٍّ شَاهِقَاتٍ تُشَيَّدُ

وَأَثْبَتَ فَرْعًا في الفُروعِ ومَنْبِتًا … وَعُودًا غَذَاهُ المُزْنُ فالعُود أغْيَدُ

رَبَاهُ وَليدًا فاسْتَتَمَّ تَمَامُهُ … عَلَى أكْرَمِ الخَيراتِ رَبٌّ مُمَجَّدُ

تَنَاهَتْ وَصَاةُ المُسْلمينَ بكَفِّهِ … فلا العِلْمُ مَحْبُوسٌ وَلا الرأيُ يُفْنَدُ (٤)

أقُولُ ولا يُلْفى (٥) لِمَا قُلْتُ عَائبٌ … مِنَ النَّاسِ إلَّا عَازِبُ العقل مُبْعَدُ

وَلَيْسَ هَوايَ (٦) نَازِعًا عَنْ ثَنَائِهِ … لَعَلّي بِهِ في جَنَّةِ الخُلْدِ أخْلُدُ

مَعَ المُصْطَفَى أرْجُو بِذَاكَ جِوارَهُ … وفي نَيْلِ ذَاكَ اليَوْمِ أسْعَى وأَجْهَدُ

وقال الحافظ أبو القاسم السُّهَيْلي في آخر كتابه "الروض" (٧): وقال أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب يبكي رسول اللَّه : [من الوافر]

أرِقْتُ فَبَاتَ لَيْليَ لا يَزولُ … وَلَيْلُ أخي المُصيبَةِ فيه طُولُ

وَأَسْعَدني البُكَاءُ وَذَاكَ فيما … أُصيبَ المُسلمونَ بِهِ قَليلُ

لَقَدْ عَظُمَتْ مُصيبتُنا (٨) وجَلَّتْ … عَشِيَّةَ قيلَ قدْ قُبضَ الرَّسُولُ

وأضْحَتْ أرْضُنَا ممَّا عَراهَا … تَكادُ بنا جَوانِبُها تَميلُ

فَقَدْنَا الوَحْيَ والتَّنْزيلَ فِينا … يَرُوحُ بهِ وَيَغْدُو جِبْرئيلُ


(١) أ: (متغمد).
(٢) أ: (ظن).
(٣) ط: (حيًّا).
(٤) أ: (مفند).
(٥) أ: (يلقى).
(٦) ط: (هواني).
(٧) الروض الأنف (٧/ ٥٩٣ - ٥٩٤).
(٨) أ: (مصيبته).