للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فمنهم: أسامة بن زيد بن حارثة أبو زيد الكلبي (١)، ويقال: أبو يزيد، ويقال: أبو محمد، مولى رسول الله ، وابن مولاه، وحِبّه وابن حِبّه، وأمه أم أيمن، واسمها بَركَة، كانت حاضِنة رسول الله ، في صغره، وممن آمَنَ به قديماً بعد بعثته، وقد أمَّره رسول الله في آخر أيام حياته، وكان عمره إذ ذاك ثمانيَ عَشْرَةَ أو تِسعَ عَشْرَةَ سنة، وتُوفّي وهو أمير على جيش كثيف، منهم عمر بن الخطاب، ويقال: وأبو بكر الصدّيق، وهو ضعيف، لأنّ رسول الله نَصَبه للإمامة، فلما توفي وجيش أسامة مُخَيّم بالجُرْف كما قَدَّمناه، اسْتَطْلَقَ أبو بكر من أسامة عمرَ بن الخطّاب في الإقامة عنده، ليَسْتضيءَ برأيه، فأطْلَقَهُ له، وأنْفَذَ أبو بكر جَيْشَ أسامةَ بعد مراجعةٍ كَثيرةٍ من الصَّحابة له في ذلك، وكلُّ ذلك يَأبَى عليهم ويقولُ: واللهِ لا أَحُلُّ رايةً عَقَدَها رسولُ الله . فساروا حتى بلغوا تُخومَ البَلْقاءِ منْ أرضِ الشّامِ، حيثُ قتل أبوه زيدٌ، وجَعْفَرُ بن أبي طالب، وعبدُ الله بن رَواحة، ، فأغارَ على تِلْكَ البلادِ، وغَنِمَ وَسَبَى، وكَرَّ راجعاً سالماً مُؤَيَّداً كما سيأتي. فلهذا كانَ عمرُ بن الخطاب، ، لا يَلْقَى أسامةَ إلا قال له: السَّلامُ عليكَ أيُّها الأميرُ. ولما عَقَد له رسولُ الله رايةَ الإمْرَةِ، طعَنَ بعض الناس في إمارته، فخطَبَ رسولُ الله فقال فيها: "إنْ تَطْعُنوا في إمارته فقد طَعَنْتُمْ في إمارةِ أبيهِ منْ قَبْلُ، واْيْمُ الله إنْ كانَ لخليقاً للإمارة، وإنْ كانَ لمِنْ أحَبِّ الخَلْقِ إليَّ (وإنَّ هذا لمن أحبِّ الخلقِ إليَّ) (٢) بعده" وهو في "الصحيح" من حديث موسى بن عقبة، عن سالم عن أبيه، وثبت في "صحيح البخاري" (٣) عن أسامة، ، أنّه قال: كان رسول الله يأخُذُني والحسنَ، فيقول: "اللهُمّ إني أُحِبُّهما فَأحِبَّهُما".

ورُوي (٤) عن الشعبيِّ، عن عائشة سمعتُ رسولَ الله يقول: "منْ أحَبَّ اللهَ ورسولَه فلْيُحِبَّ أسامةَ بن زيدٍ" ولهذا لما فَرَضَ عمرُ بن الخطاب للنّاسِ في الدّيوان فَرَضَ لأسامة في خمسة آلاف. وأعْطَى ابنَه عبدَ الله بن عمر في أربعة آلاف. فقيل له في ذلك، فقال: إنه كانَ أحبَّ إلى رسول الله منكَ، وأبوه كان أحبَّ إلى رسول الله من أبيكَ.

وقد روى عبد الرزاق، عن مَعْمَر، عن الزّهري، عن عروة، عن أسامة: أنَّ رسول اللهِ أرْدَفَهُ خَلْفَه على حِمارٍ عليه قطيفةٌ، حين ذهب يعودُ سعدَ بن عُبَادة، قبلَ وقعةِ بدرٍ.


(١) ترجمته في الاستيعاب (١/ ٧٥)، وتاريخ دمشق - مجمع - السيرة: (٢/ ٢٦٤)، ودار الفكر (٤/ ٢٥١)، وجامع الأصول (١٣/ ١٥)، وأسد الغابة (١/ ٧٩)، وسير أعلام النبلاء (٢/ ٤٩٦)، والإصابة (١/ ٥٤)، وتهذيب التهذيب (١/ ٢٠٨).
(٢) ليس ما بين القوسين في ط.
(٣) البخاري (٣٧٣٥).
(٤) مسند الإمام أحمد (٦/ ١٥٦ - ١٥٧) وتاريخ دمشق (٨/ ٥٥)، وهو حديث صحيح لغيره.