للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: وهكذا أرْدَفَه وراءَهُ على ناقَتِهِ حينَ دفَع منْ عَرَفات إلى المُزْدَلِفَة، كما قَدَّمنا في حجّةِ الوَداعِ. وقَدْ ذَكَرَ غيرُ واحدٍ أنّه، ، لم يَشْهَدْ مع عليّ شيئًا من مَشاهِدِه، واعتذر إليه مما قال له رسول الله حين قَتَلَ ذلك الرجلَ، وقد قال: لا إله إلا الله، فقال: "من لك بلا إله إلا الله يومَ القيامة، أقَتَلْتَهُ بعدما قال لا إله إلا الله؟ منْ لكَ بلا إله إلا الله يومَ القيامة؟! " … الحديث (١).

وذكر فضائله كثيرةٌ، :

وقد كان أسودَ كاللَّيل، أفْطَسَ حُلْواً حَسَنًا كَبيراً فَصيحًا عالمًا ربانيّاً، . وكان أبوه كذلك، إلا أنه كان أبيضَ شديدَ البياض، ولهذا طَعَنَ بعضُ منْ لا يَعْلَمُ في نسبه منه. ولما مَرّ مُجَزِّزٌ المُدْلجي عليهما وهما نائمان في قطيفة، وقد بدَت أقدامهما، أسامةُ بسوادِه، وأبوه زيدٌ ببياضه قال: سبحانَ الله، إن بعض هذه الأقدام لمن بعض، أُعْجِب بذلك رسولُ الله . ودخلَ على عائشة مسرورًا تَبْرُقُ أساريرُ وَجْهه فقال: "ألم تريْ أن مُجَزِّزاً نظر آنفاً إلى زيدِ بن حارثة وأسامة بن زيدٍ. فقال: إنَّ بعضَ هذه الأقدام لمن بعض (٢) ". ولهذا أخذ فقهاء الحديث كالشّافِعي وأحمد من هذا الحديث، من حيث التقرير عليه والاستبشار به، العملَ بقول القافة (٣) في اختلاطِ الأنساب واشتباهها، كما هو مُقَرَّر في موضعه.

والمقصود أنه ، تُوفِّي سنةَ أربعٍ وخمسين فيما (٤) صَحَّحَه أبو عمر (٥). وقال غيره: سنةَ ثمانٍ أو تسعٍ وخمسين، وقيل: مات بعدَ مَقْتَلِ عثمان، فالله أعلم. وروى له الجماعةُ في كتبهم الستّة.

ومنهم أسلم، وقيل: إبراهيم، وقيل: ثابت، وقيل: هُرْمُز، أبو رافع القِبْطي (٦):

أسلم قبل بدر، ولم يشهدها، لأنه كان بمكة مع سادته آل العبّاس، وكان يَنْحِتُ القِداحَ، وقِصَّتُه مع الخبيث أبي لَهَبٍ، حين جاء خبرُ وقعةِ بدرٍ تقدَّمَت. ولله الحمد. ثم هاجرَ وشَهِدَ أُحدًا وما بعدَها، وكان كاتباً، وقد كتب بين يَدَيْ عليِّ بن أبي طالب بالكوفة، قالَهُ المُفَضَّل بن غَسّان الغَلابي، وشهدَ فتحَ مصر في أيام عُمَر، وقد كان أولًا للعبّاس بن عبد المطلب، فوهَبَهُ للنبيّ وأعْتَقَهُ وزَوَّجه مولاته سَلْمى، فولَدَتْ له أولاداً، وكان يكون على ثَقل النبي .


(١) مسلم (٩٧).
(٢) مسلم (١٤٥٩).
(٣) ط: (القيافة).
(٤) ط: (مما).
(٥) الاستيعاب (١/ ٧٧).
(٦) ترجمته في الاستيعاب (١/ ٨٣ - ٨٥)، والحلية (١/ ١٨٣ - ١٨٥) وتاريخ دمشق - المجمع - السيرة (٢/ ٢٦٤) ودار الفكر (٤/ ٢٥١ - ٢٥٤) وجامع الأصول (١٣/ ١٩ - ٢٠) وأسد الغابة (١/ ٩٣ - ٩٤) وسير أعلام النبلاء (٢/ ١٦ - ١٧) والوافي (٩/ ٥١)، والإصابة (١/ ٣٨) وتهذيب التهذيب (١٢/ ٩٢ - ٩٣).