للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جَبّار بن سُلْمى (١) من بني كلاب، فلمّا طعنَه بالرمح قال: فُزْتُ وربِّ الكَعْبة، ورُفع عامر حتى غاب عن الأبصار، حتى قال عامر بن الطُّفيل: لقد رُفع حتى رأيتُ السماء دونَه، وسأل عمرَو بن أمية عنه فقال: كان من أفضلنا ومن أول أهل بيت نبينا . قال جبّار: فسألت الضّحّاك بن سفيان عما قال: ما يعني به؟ فقال: يعني الجنة. ودعاني الضحاكُ إلى الإسلام، فأسلمتُ لما رأيتُ من قَتْلِ عامر بن فُهَيْرة، فكتبَ الضّحّاك إلى رسولِ الله يُخْبره بإسلامي، وما كان من أمر عامر، فقال: "وارَتْهُ الملائكة وأنزل عِلييّن".

وفي الصحيحين (٢) عن أنس أنه قال: قَرَأْنا فيهم قُرْآنًا أن: (بلّغوا عَنّا قَوْمَنا أنَّا لَقينا ربَّنا فَرَضِيَ عنَّا وأرضانا). وقد تقدم ذلك بتمامه (٣) في موضعه عند غزوة بئر معونة.

وقال محمد بن إسحاق (٤): حدّثني هشام بن عروة عن أبيه أن عامر بن الطُّفَيْل كان يقول: مَنْ رَجُلٌ منكم لما قُتل رأيتُه رُفِعَ بين السماء والأرْض، حتى رأيتُ السماءَ دونَه؟ قالوا: عامر بن فُهَيْرة.

وقال الواقدي (٥): حدّثني محمد بن عبد الله، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، قالت: رُفع عامرُ بن فُهَيْرة إلى السماء فلم توجد جُثَّتُه، يَرَوْنَ أنّ الملائكةَ وارَتْهُ.

ومنهم عبدُ الله بن أرْقَم بن أبي الأرْقَم المَخْزومي (٦): أسلم عام الفتح، وكتبَ للنبيّ . قال الإمام مالك (٧): وكان يُنْفِذُ ما يَفْعَلُه ويَشْكُره ويَسْتَجيدُه. وقال سَلَمة، عن محمد بن إسحاق بن يسار (٨)، عن محمد بن جعفر بن الزبير، عن عبد الله بن الزبير: أن رسولَ الله اسْتَكْتَبَ عبدَ الله بن الأرْقَم بن عبد يَغوث، وكان يُجيبُ عنه الملوكَ. وبلغ من أمانَتِه أنّه (كان يأمُرُهُ أنْ) يكتُبَ إلى بعضِ الملوكِ فَيَكْتُبَ، ويَخْتِمَ على ما يقرؤه لأمانته عنده. وكَتَبَ لأبي بكرٍ وجعلَ إليه بيتَ المال، وأقرَّه عليهما عمرُ بن الخَطّاب، فلما كان عثمانُ عَزَلَه عنهما.

قلت: وذلك بعدَما استعفاه عبدُ الله بن الأرْقَم، ويقالُ: إنَّ عثمانَ عَرَضَ عليه ثلاث مئة ألف درهم عن أجرة عمالته، فأبى أن يَقْبَلَها وقال: إنما عملتُ لله، فأجري على الله ﷿.


(١) في الإصابة (١/ ٢١٩) (جبار بن سلمة -بضم السين وقيل بفتحها-).
(٢) البخاري (٤٠٩٠) ومسلم (٦٧٧) (٢٩٧).
(٣) ط: (بيانه).
(٤) سيرة ابن هشام (٢/ ١٨٦).
(٥) طبقات ابن سعد (٣/ ٢٣١).
(٦) ترجمته في الاستيعاب (٢/ ٧٩٢)، وأسد الغابة (٣/ ١٧٢)، وتهذيب التهذيب (٥/ ١٤٦ - ١٤٧)، والإصابة (٢/ ٢٧٣ - ٢٧٤).
(٧) الاستيعاب (٣/ ٨٦٥ - ٨٦٦).
(٨) تاريخ دمشق -السيرة- مجمع دمشق (٢/ ٣٣٩).