للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورواه أبو يعلى (١) من حديث عَوْن بن عبد الله، عن ابن مسعود.

وقد ورد في أحاديث عدة أنَّه ركب الحمار.

وفي الصحيحين (٢) أنه مَرَّ وهو راكب حمارًا بمجلسٍ فيه عبدُ الله بن أُبي بن سَلول وأخلاطٌ من المسلمين والمشركين عَبَدَةِ الأوثان واليَهود، فنزل ودعاهم إلى الله ﷿، وذلك قبلَ وَقْعَة بَدْرٍ، وكان قَدْ عَزَمَ على عيادة سَعْد بن عُبادة، فقال له عبد الله: لا أُحسنُ مما تَقولُ أيها المَرءُ، فإن كان حقًّا فلا تَغْشَنا به في مجالسنا، وذلك قبلَ أنْ يَظْهَر الإسلامُ، ويقال: إنه خمّر أنْفَه لمَّا غَشيَتهم عَجاجةُ الدابّة، وقال: لا تُؤْذنا بنَتْنِ حمارك، فقال له عبد الله بن رواحة: والله لريحُ حمارِ رسولِ الله أطيبُ من ريحك. وقال عبد الله: بل يا رسول الله اغْشنا به في مجالسنا، فإنّا نُحبّ ذلك، فَتَثاور الحَيّان، وهَمّوا أن يَقْتَتِلوا فَسَكَّنَهم رسول الله، ثم ذَهَب إلى سعد بن عُبادة فشكى إليه عبد الله بن أُبيّ. فقال: ارْفُقْ به يا رسول الله، فوالذي أكْرَمَكَ بالحقّ لقد بَعَثَكَ الله بالحقِّ، وإنَّا لنَنْظِمُ له الخَرَز لنُتَوِّجَه (٣) علينا، فلما جاء اللهُ بالحقّ (الذي بعثك به،) (٤) شرَق بريقه.

وقد قَدَّمْنا أنّه ركب الحمارَ في بعض أيام خَيْبَر، وجاء أنه أرْدَف معاذًا على حمارٍ، ولو أوْرَدْناها بألْفاظها وأسانيدها لطال الفصل، والله أعلم.

فأما ما ذكره القاضي عياضُ بن موسى السَّبْتي في كتابه "الشفا" (٥) وذكره قبلُ إمام الحرمَيْن في كتابه الكبير في أصول الدين وغيرهما: أنَّه كان لرسول الله حمارٌ يُسَمَّى زيادَ بنَ شهابٍ، وأن رسولَ الله كان يَبْعَثُه، ليطلبَ له بعضَ أصحابه فيجيءَ إلى باب أحدهم فَيُقَعْقِعَه، فيعلمُ أنَّ رسولَ الله يطلبُه، وأنه ذَكَر للنبيّ أنّه سلالةُ سبعين حمارًا، كلٌّ منها ركبه نبيٌّ، وأنّه لما تُوفِّي رسولُ الله ذهبَ فَتَردَّى في بئر فمات. فهو حديثٌ لا يُعْرَفُ له إسنادٌ بالكلية. وقد أنكره غيرُ واحدٍ من الحُفّاظ، منهم عبدُ الرحمن بنُ أبي حاتم وأبوه، رحمهما الله، وقد سمعت شيخَنا الحافظ أبا الحجاج المزّي، ، يُنْكِرُه غيرَ مرةٍ إنكارًا شديدًا.

وقال الحافظ أبو نعيم في كتاب "دلائل النبوة" (٦): ثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن موسى العَنْبري، ثنا أحمد بن محمد بن يوسف، ثنا إبراهيم بن سُوَيْد الجُذُوعي، حدّثني عبد الله بن


(١) مسند أبي يعلى (٥٠٢٦).
(٢) البخاري (٢٦٩١) ومسلم (١٧٩٨) (١١٦).
(٣) ط: (الخدر نملكه).
(٤) ليس ما بين القوسين في ط.
(٥) الشفا (١/ ٤٤٣).
(٦) دلائل النبوة (٢٨٨).