للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال عليٌّ: ثم سكتُّ. فقال لي الحبر: وماذا؟ قال عليٌّ: هذا ما يَحضرني. قال الحَبرُ: في عينيه حُمرة، حَسنُ اللحية، حَسنُ الفم، تامُّ الأذنين، يُقبل جميعًا ويُدبر جميعًا. فقال عليّ: والله هذه صفتُه، قال الحبر: وشيء آخر؟ (١) قال عليٌّ: وما هو؟ قال الحبر: وفيه جَنَا (٢)، قال علي: هو الذي قلت لك كأنما ينزل من صَبَب.

قال الحبرُ: فإني أجد هذه الصفة في سِفرِ آبائي، ونجده يُبعث في حرم الله وأمنِه وموضع بيته، ثم يُهاجر إلى حَرمٍ يحرِّمه هو، ويكون له حُرمةٌ كحرمةِ الحرمِ الذي حرَّمَ الله، ونجدُ أنصارَه الذين هاجرَ إليهم قومًا من ولد عمرو بن عامر أهل نَخل، وأهلُ الأرض قبلَهم يهود.

قال علي: هو هو، وهو رسول الله. قال الحبر: فإني أشهدُ أنه نبيٌّ وأنه رسولُ الله إلى الناس كافةً، فعلى ذلك أحيا وعليه أموتُ، وعليه أُبعث إن شاء الله.

قال: فكان يأتي عليًا فيعلّمه القرآن ويخبره بشرائع الإسلام، ثم خرج عليٌّ والحبرُ من هنالك حتى ماتَ في خلافة أبي بكر وهو مؤمنٌ برسول الله مُصدق به (٣).

وهذه الصِّفة قد وردت عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب من طرق متعددة سيأتي ذكرها.

وقال يعقوبُ بن سفيان: حدَّثنا سعيدُ بن منصور، حدَّثنا خالد بن عبد الله، عن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب، عن أبيه، عن جده، قال: سُئل، أو قيل لعليّ: انعتْ لنا رسولَ الله، فقال: كان أبيضَ مُشربًا بياضُه حمرةً، وكان أسودَ الحدقة، أهدبَ الأشفار (٤).

قال يعقوب: وحدَّثنا عبدُ الله بن سلمة وسعيدُ بن منصور، قالا: حدَّثنا عيسى بن يُونس، حدَّثنا عمر بن عبد الله مولى غُفرة، عن إبراهيم بن محمد -من ولد عليّ- قال: كان عليٌّ إذا نعتَ رسولَ الله قال: كان في الوجه تَدوير، أبيض (٥)، أدعج العينين، أهدَب الأشفار (٦).


(١) كذا بالأصل، والطبقات (٢/ ١٧٤) وفي المطبوع: وماذا؟.
(٢) "جنأ": هو إشراف الكاهل على الصدر، وفي الأصل حياء، وفي المطبوع جناء، والصحيح ما أثبته.
(٣) إسناده تالف، الواقدي متروك، وعلامات الوضع بادية عليه (بشار).
(٤) دلائل النبوة؛ للبيهقي (١/ ٢١٢) وإسناده حسن، وعبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب، أبو محمد العلوي المدني صدوق حسن الحديث كما هو مبين في تحرير التقريب (٢/ ٢٦٥).
(٥) كذا بالأصل والمطبوع، وفي دلائل النبوة للبيهقي (١/ ٢١٣) أبيض مشرب.
(٦) أخرجه البيهقي في الدلائل من طريق يعقوب، ومنه نقل المصنف (١/ ٢١٣)، وإسناده ضعيف لضعف عمر بن عبد الله مولى غفرة. أما إبراهيم بن محمد فهو ابن علي بن أبي طالب المعروف أبوه بابن الحنفية، وهو صدوق حسن الحديث.