للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا منافاة بين الحالين، فإن الشعرَ تارة يطول، وتارة يقصر منه، فكلٌّ حكى بحسب ما رأى.

وقال أبو داود: حَدَّثَنَا ابن نُفَيْل، حَدَّثَنَا ابن أبي الزِّناد، عن هشام بن عُروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: كان شعرُ رسولِ الله فوقَ الوَفرَة ودون الجُمّة (١).

وقد ثبت أنه حلقَ جميعَ رأسِه في حَجّة الودَاع، وقد مات بعد ذلك بأحد وثمانين يومًا، صلواتُ الله وسلامُه عليه دائمًا إلى يوم الدين.

وقال يعقوب بن سفيان: حَدَّثَنَا عبد الله بن مسلم، ويحيى بن عبد الحميد، قالا: حَدَّثَنَا سفيان، عن ابن أبي نَجِيح، عن مجاهد، قال: قالت أُم هانئ: قدمَ النبيُّ مكة قدمةً وله أربع غدائر (٢) -تعني ضفائر-.

ورواه الترمذي من حديث سفيان بن عيينة.

وثبت في الصحيحين من حديث ربيعة، عن أنس، قال بعد ذكره شعر رسول الله : إنه ليس بالسَّبْط ولا بالقَطط، قال: وتوفاه الله وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرةً بيضاء (٣).

وفي صحيح البخاريّ (٤) من حديث أيوب، عن ابن سيرين أنه قال: قلت لأنس: أخضبَ رسولُ الله؟ قال: إنه لم يرَ من الشيب إِلَّا قليلًا.

وكذا روى هو ومسلم، من طريق حمّاد بن زيد، عن ثابت، عن أنس (٥).

وقال حمَّادُ بن سلمة، عن ثابت، قيل لأنس: هل كان شابَ رسولُ الله؟ فقال: ما شانَه الله بالشّيبِ، ما كانَ في رأسِه إِلَّا سبعَ عشرةَ أو ثمانيَ عشرةَ شعرة (٦).

وعند مسلم من طريق المثنى بن سعيد، عن قتادة، عن أنس؛ أن رسولَ الله لم يختضب، إنما كان


(١) رواه أبو داود في سننه رقم (٤١٨٧) في الترجل، والترمذي في الجامع رقم (١٧٥٥) في اللباس، وابن ماجه في سننه رقم (٣٦٣٥) في اللباس. وهو حديث صحيح.
و"الوَفرة": الشعر يبلغ شحمة الأذن. والجمّة: الشعر يصل إلى المنكبين.
(٢) في الجامع (١٧٨١) عن ابن أبي عمر العدني عن سفيان بن عيينة، به. وقال: "هذا حديث غريب (ضعيف)، قال محمد (هو البخاري): لا أعرف لمجاهد سماعًا من أم هانئ"، وهو كما قال. وأخرجه من هذا الوجه أيضًا: أحمد (٦/ ٣٤١ - ٤٢٥)، وأبو داود (٤١٩١)، وابن ماجه (٣٦٣١) وغيرهم.
(٣) رواه البخاري في صحيحه رقم (٣٥٤٨) في المناقب، ومسلم في صحيحه رقم (٢٣٤٧) في الفضائل، وقد تقدم.
(٤) رواه البخاري في صحيحه رقم (٥٨٩٤) في اللباس. ولفظه: أخضبَ النَّبِيّ ؟ قال: لم يبلغ الشيبَ إِلَّا قليلًا. رواه مسلم بهذا اللفظ في صحيحه رقم (٢٣٤١) (١٠٢) في الفضائل.
(٥) رواه البخاري في صحيحه رقم (٥٨٩٥) في اللباس، ومسلم في صحيحه رقم (٢٣٤١) (١٠٣) في الفضائل.
(٦) رواه الإمام أحمد في المسند (٣/ ٢٥٤).