للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فوجدهما قد اصطلحا، فقال لهما: أدخلاني في سِلمِكما كما أدخلتماني في حربكما، فقال رسول الله : "قد فعلنا، قد فعلنا".

وقال أبو داود (١): حَدَّثَنَا مؤمّل بن الفضل، حَدَّثَنَا الوليد بن مسلم، عن عبد الله بن العلاء، عن بُسْر بن عبيد الله، عن أبي إدريس الخولاني، عن عوف بن مالك الأشجعي، قال: أتيتُ رسولَ الله في غزوة تبوك، وهو في قبةٍ من أَدَم، فسلّمتُ فردَّ وقال: "ادخل" فقلت: أكلّي يا رسول الله؟ فقال: "كلَّك"، فدخلتُ.

وحدَّثنا (٢) صفوان بن صالح، حَدَّثَنَا الوليد بن عثمان بن أبي العاملة: إنما قال: أدخل كلي؟ من صغر القبة.

ثم قال أبو داود (٣): حَدَّثَنَا إبراهيم بن مهدي، حَدَّثَنَا شريك، عن عاصم، عن أنس، قال: لي رسول الله : "يا ذا الأذنين".

قلت: ومن هذا القبيل ما رواه الإمام أحمد (٤): حَدَّثَنَا عبد الرزاق، حَدَّثَنَا معمر، عن ثابت، عن أنس؛ أن رجلًا من أهل البادية كان اسمه زاهرًا، وكان يُهدي للنبي الهديّةَ من البادية، فيجهزه النبيُّ إذا أراد أن يخرجَ، فقال رسول الله: "إن زاهرًا باديتُنا ونحن حاضرُوه" وكان رسول الله يحبّه، وكان رجلًا دميمًا، فأتاه رسول الله (يومًا) وهو يبيعُ متاعَه، فاحتضنه من خلفه ولا يبصره (٥) الرجل، فقال: أرسلني، من هذا؟ فالتفتَ فعرفَ النَّبِيّ ، فجعل لا يألو (٦) ما ألصق ظهره بصدر النَّبِيّ حين عرفه، وجعل رسولُ الله يقول: "من يشتري العبد؟ " فقال: يا رسول الله إذًا والله تجدني كاسدًا، فقال رسول الله : "لكن عند الله لست بكاسد" أو قال: "لكن عند الله أنت غال".


(١) رواه أبو داود في سننه رقم (٥٠٠٠) في الأدب، وأخرجه البخاري مطولًا في صحيحه رقم (٣١٧٦) في الجزية، وليس فيه قصة الدخول، وابن ماجه في سننه رقم (٤٠٤٢) و (٤٠٩٥) في الفتن.
(٢) أبو داود في سننه رقم (٥٠٠١) في الأدب، وقال المنذري: عثمان هذا -أي عثمان بن أبي العاتكة- فيه مقال. وإسناده ضعيف.
(٣) رواه أبو داود في سننه رقم (٥٠٠٢) في الأدب، والترمذي في الجامع رقم (١٩٩٢) في البر، و (٣٨٢٨) في المناقب، وهو عند الإمام في المسند (٣/ ١٢٧) كلهم عن أنس . وإسناد ضعيف لضعف شريك وهو ابن عبد الله النخعي سيّء الحفظ، لكنه قد توبع فيتحسن حديثه.
(٤) مسند أحمد (٣/ ١٦١).
(٥) كذا في الأصل، وفي المسند والشمائل وهو لا يبصره.
(٦) "لا يألو": لا يقصِّر.