للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تخبيط إسنادًا ومتنًا، ففي هذا أن عليًا شُغل بمجرد قسم الغنيمة، وهذا لم يقله أحدٌ ولا ذهب إلى جواز ترك الصلاة لذلك ذاهب، وإن كان قد جوَّز بعضُ العلماء تأخيرَ الصلاة عن وقتِها لعذر القتال؛ كما حكاه البخاري عن مكحول والأوزاعي وأنس بن مالك في جماعة من أصحابه بتسترَ، واحتجَّ لهم في بني قريظة. وذهبَ جماعة من العلماء إلى أن هذا نُسِخَ بصلاة الخوف. والمقصودُ أنه لم يقل أحدٌ من العلماء إنه يجوز تأخيرُ الصلاة بعذر قسم الغنيمة، حتى يُسند هذا إلى صنيع عليّ ، وهو الراوي عن رسول اللّه أن الوسطى هي العصر، فإن كان هذا ثابتًا على ما رواه هؤلاء الجماعة، وكان عليّ متعمدًا لتأخير الصلاة لعذر قسم الغنيمة، وأقرَّه عليه الثارع صارَ هذا وحدَه دليلًا على جواز ذلك، ويكون أقطع في الحجة مما ذكره البخاري، لأن هذا بعد مشروعية صلاة الخوف قطعًا، لأنه كان بخيبر سنة سبع، وصلاة الخوف شُرعت قبل ذلك، وإن كان عليّ ناسيًا حتى تركَ الصلاة إلى الغروب فهو معذور، فلا يحتاج إلى ردّ الشمس، بل وقتها بعد الغروب، والحالة هذه إذن، كما ورد به الحديث، واللّه أعلم.

وهذا كلُّه مما يدل على ضعف هذا الحديث.

ثم إن جعلناه قضيَّةً أخرى، وواقعة غير ما تقدم، فقد تعدد رد الشمس غير مرة، ومع هذا لم ينقله أحدٌ من أئمة العلماء، ولا رواه أهلُ الكتب المشهورة، وتفرد بهذه الفائدة هؤلاء الرواة الذين لا يخلو إسناد منها عن مجهول ومتروك ومتهم، واللّه أعلم.

ثم أورده هذا المصنف من طريق أبي العباس بن عُقدة: حَدَّثَنَا يحيى بن زكريا، حَدَّثَنَا يعقوبُ بن سعيد، حَدَّثَنَا عمرو بن ثابت، قال: سألتُ عبدَ اللّه بن حسن بن حسن بن على (بن أبي طالب)، عن حديث رد الشمس على عليّ بن أبي طالب: هل يثبتُ عندكم؟ فقال لي: ما أنزلَ الله في كتابه أعظمُ من ردّ الشمس، قلت: صدقتَ - جعلني اللّه فداك - ولكني أحبُّ أن أسمعَه منك، فقال: حدَّثني أبي - الحسن - عن أسماء بنت عُمَيس؛ أنها قالت: أقبل عليُّ بن أبي طالب ذاتَ يوم وهو يُريد أن يصلِّي العصرَ مع رسول اللّه ، فوافق رسولَ اللّه قد انصرفَ ونزل عليه الوحي، فأسندَه إلى صدره، فلم يزل مُسندَه إلى صدره، حتى أفاقَ رسولُ اللّه فقال: "أصلّيتَ العصرَ يا عليّ؟ "قال: جئتُ والوحيُ ينزلُ عليكَ، فلم أزل مُسندَك إلى صدري حتى الساعة، فاستقبلَ رسولُ اللّه القبلةَ - وقد غربت الشمس - وقال: "اللهم إن عليًّا كان في طاعتِك فارددها عليه" قالت أسماء: فأقبلتِ الشَّمسُ ولها صريرٌ كصرير الرحى، حتى كانت في موضعها وقت العصر. فقام عليٌّ متمكنًا فصلَّى، فلما فرغَ رجعتِ الشمس ولها صرير كصرير الرحى، فلما غابت اختلطَ الظلامُ، وبدت النجوم.

وهذا منكرٌ أيضًا إسنادًا ومتنًا، وهو مناقض لما قبله من السياقات، وعمرو بن ثابت هذا هو المتهم بوضع هذا الحديث أو سرقته من غيره، وهو عمرو بن ثابت بن هرمز البكري الكوفي، مولى بكر بن وائل، ويُعرف بعمرو بن المِقدام الحداد، روى عن غير واحد من التابعين، وحدَّث عنه جماعة، منهم