للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ليس بصحيح من محمد بن النعمان، فإن هذا ليس إسنادًا ولا متنًا، وأين مكاشفة إمام قد شهد الشارع له بأنه مُحَدَّثٌ بأمرِ خيرٍ، من ردّ الشمس طالعة بعد مغيبها الذي هو أكبر علامات الساعة؛ والذي وقع ليوشع بن نون ليس ردًّا للشمس عليه، بل حُبِست ساعة قبل غروبها، بمعنى تباطأت في سيرها حتى أمكنهم الفتح، واللّه تعالى أعلم.

وتقدم ما أورده هذا المصنف من طرق هذا الحديث: عن على، وأبي هريرة، وأبي سعيد، وأسماء بنت عميس، وقد وقع في كتاب أبي بشر الدولابي في "الذرية الطاهرة" (١) من حديث الحسين بن علي، والظاهر أنه عنه، عن أبي سعيد الخدري كما تقدم، واللّه أعلم.

وقد قال شيخُ الرافضة جمال الدين يُوسف بن الحسن الملقب بابن المُطَهِّر الحِلِّي في كتابه "في الإمامة" الذي ردَّ عليه شيخنا العلامة أبو العباس ابن تيمية، قال ابن المُطهر: التاسع: رجوع الشمس مرتين: إحداهما في زمن النبي ، والثانية بعده. أما الأولى، فروى جابر وأبو سعيد: أن رسول اللّه نزلَ عليه جبريل يومًا يُناجيه من عند اللّه، فلما تغشَّاه الوحيُ توسَّد فخذَ أمير المؤمنين، فلم يرفع رأسَه حتى غابت الشمس، فصلَّى عليٌّ العصرَ بالإيماء، فلما استيقظَ رسولُ اللّه قال له: سل اللّه أن يردَّ عليك الشمسَ فتُصلِّي قائمًا. فدعا فرُدَّتِ الشمسُ فصلّى العصر قائمًا.

وأما الثانية فلما أراد أن يعبرَ الفرات ببابل، واشتغلَ كثيرٌ من الصحابة بدوائهم، وصلَّى لنفسه في طائفة من أصحابه العصرَ، وفاتَ كثيرًا منهم، فتكلّموا في ذلك، فسأل اللّه رَدَّ الشمسِ فرُدَّت.

قال: وقد نظمه الحِميَريّ فقال:

رُدَّت عَليهِ الشمسُ لَمَّا فَاتَهُ … وَقتُ الصَّلاةِ وقد دَنَت للمَغرِبِ

حَتَّى تَبَلَّجَ نُورها في وَقتِها … لِلعَصرِ ثُمَّ هَوَت هَوِيَّ الكوكَبِ

وَعليهِ قَد رُدَّت بِبابِلَ مَرَّةً … أخرى وَما رُدَّت لِخَلقِ المغرِبِ

قال شيخُنا أبو العباس (ابن تيمية) (٢): فضل عليّ وولايتُه وعلوّ منزلته عند اللّه معلوم وللّه الحمد بطرق ثابتة، أفادتنا العلم اليقيني، لا يُحتاج معها إلى ما لا يُعلم صدقُه أو يُعلم أنه كذب، وحديثُ ردّ الشمس قد ذكرَه طائفةٌ كأبي جعفر الطحاوي، والقاضي عياض، وغيرهما، وعدُّوا ذلك من معجزات رسول اللّه ، لكن المحقّقون من أهل العلم والمعرفة بالحديث يَعلمون أن هذا الحديث كذبٌ موضوع، ثم أورَد طرقَه واحدة واحدةً كما قدّمنا، وناقش أبا القاسم الحسكاني فيما تقدم، وقد أوردنا كلَّ ذلك، وزدنا عليه ونقصنا منه، واللّه الموفق.


(١) الذرية الطاهرة لأبي بشر الدولابي (ص ٩٣).
(٢) منهاج السنة (٨/ ١٦٥) وهذا الفصل أكثره منه كما سيصرح المصنف.