للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَكَ الحمدُ والحمدُ مِمَّن شَكَر … سُقينا بوَجهِ النَّبِيّ المَطَرْ

دَعا اللّه خَالِقَهُ دَعوةً … إليهِ وأشخصَ مِنهُ البصَر

فَلَم يَكُ إِلَّا كلفِّ الرِّدَاءِ … وأَسرَعَ حتى رَأينا الدِّرَرَ (١)

دِفَاقُ العَزالَى (٢) عَمَّ البِقَاعَ … أغاثَ بِهِ اللّه عَينًا مُضر

وكانَ كما قَالَهُ عَمُّهُ … أبو طالبٍ أبيضٌ ذو غُرَر

بهِ اللّه يَسقي بِصَوبِ الغَمامِ … وهذا العيان كذَاك الخبر

فَمَن يَشكُرِ اللّه يَلقى المزيدَ … ومَن يكفر اللّه يَلقى الغِيَر

قال: فقال رسول اللّه : "إن يكُ شاعر يُحسنُ فقد أحسنتَ" (٣).

وهذا السياق فيه غرابة، ولا يُشبه ما قدَّمنا من الروايات الصحيحة المتواترة عن أنس، فإن كان هذا هكذا محفوظًا فهو قصة أخرى غير ما تقدم، واللّه أعلم.

وقال الحافظ البيهقيّ: أخبرنا أبو بكر بن الحارث الأصبهاني، حَدَّثَنَا أبو محمد بن حَيَّان (٤)، حَدَّثَنَا عبد اللّه بن مصعب، حَدَّثَنَا عبد الجبار، حَدَّثَنَا مروان بن معاوية، حَدَّثَنَا محمد بن أبي ذئب المدني، عن عبد اللّه بن محمد بن عمر بن حاطب الجمحي، عن أبي وَجرَةَ يزيد بن عُبيد السُّلمي، قال: لما قفلَ رسولُ اللّه من غزوة تبوك أتاه وفدُ بني فِزارة بضعة عشر رجلًا، فيهم خارجة بن الحصين، والحرُّ بن قيس - وهو أصغرهم - ابن أخي عُيينة بن حِصن، فنزلوا في دار رملةَ بنت الحارث من الأنصار، وقدموا على إبل ضِعاف عِجاف، وهم مسنتون (٥)، فأتوا رسولَ اللّه مُقزين بالإسلام، فسألهم رسولُ اللّه عن بلادهم قالوا: يا رسول اللّه، أسنتتْ بلادُنا، وأجدَبت أحياؤنا، وعَرِيت عيالُنا، وهلكت مواشينا، فادعُ ربَّك أن يغيثَنا، وتشفَّع لنا إلى ربِّك ويشفع ربُّك إليك، فقال رسول اللّه : "سبحان اللّه، ويلك! هذا ما شفعت إلى ربِّي، فمن ذا الذي يشَفع ربُّنا إليه؟ لا إله إِلَّا اللّه، وسع كرسيُّه السموات والأرض، وهو يَئِطُّ من عظمته وجلاله كما يَئِطُّ (٦) الرَّحلُ الجديد".

وقال رسولُ اللّه : "إن اللّه يضحكُ من شفقتكم وأزلكُم (٧) وقُربِ غِيَاثِكم".


(١) "الدِّرَر": المطر المتساقط، و"الدَّر": الحلب.
(٢) كذا في الأصل، وفي دلائل النبوة؛ للبيهقي (٦/ ١٤٢): رقاق العوالي جَمُّ البعاق، وفيه تصحيف ظاهر.
(٣) دلائل النبوة؛ للبيهقي (٦/ ١٤١ - ١٤٢).
(٤) هو أبو الشيخ الأصبهاني.
(٥) "مسنتون": أي أصابتهم سَة، وهي الجدب والقحط.
(٦) "يئط الرَّحل": يُصوّت.
(٧) "أزْلكم": شدتكم.