للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويؤيّدُ هذا القولَ ما رواه الإمامُ أحمد (١): حَدَّثَنَا إسماعيل، عن الجُرَيْري، عن أبي نضرة، قال: كنا عند جابر بن عبد اللّه فقال: يُوشك أهلُ العراق ألا يجبى إليهم قفيزٌ ولا درهمٌ، قلنا: من أين ذلك؟ قال: من قبل العجم، يَمنعون ذلك، ثم قال: يُوشك أهلُ الشام ألا يُجبى إليهم دينارٌ ولا مُدّ، قلنا: من أين ذلك؟ قال: من قبل الروم، يَمنعون ذلك، قال: ثم سكتَ (٢) هُنيهة، ثم قال: قالَ رسولُ الله : "يكونُ في آخر أمتي خليفة يَحْثي المال حَثْيًا" (٣)، لا يعدُّه عدًّا".

قال الجُرَيْرِيُّ: فقلتُ لأبي نضرة وأبي العلاء: أتريانِه عمرَ بن عبد العزيز رضي اللّه تعالى عنه؟ فقالا: لا.

وقد رواه مسلم (٤)، من حديث إسماعيل بن إبراهيم بن عُلَيّة وعبد الوهاب الثقفي، كلاهُما عن سعيد بن إياس الجُرَيْرِي، عن أبي نَضْرةَ المُنذر بن مالك بن قُطَعَة العَبْدي، عن جابر، كما تقدم.

والعجب أن الحافظ أبا بكر البيهقيّ احتجَّ به على ما رجَّحه من أحد القولين المتقدمين، وفيما سلكه نظر، والظاهر خلافه.

وَثبت في الصحيحين (٥)، من غير وجه؛ أن رسولَ اللّه وقَّتَ لأهل المدينة ذا الحُلَيفة، ولأهل الشام الجُحْفة، ولأهل اليمن يَلَمْلَم، وفي صحيح (٦) مسلم، عن جابر: ولأهل العراق ذاتِ عرق. فهذا من دلائل النبوة، حيث أخبرَ عما وقعَ من حجِّ أهل الشَّام واليمن والعراق، صلواتُ اللّه وسلامه عليه.

وفي الصحيحين، من حديث سفيان بن عُيينة، عن عمرو بن دينار، عن جابر، عن أبي سعيد، قال: قال رسول اللّه : "ليأتينَّ على النَّاسِ زمانٌ يغزو فيه فِئَامٌ من النَّاس، فيُقال لهم: هل فيكم من صَحِبَ رسولَ اللّه ؟ فيقال: نعم. فيفتحُ اللّه لهم، ثم يأتي على الناس زمانٌ فيغزو فئامٌ من الناس، فيُقال لهم: هل فيكم من صحبَ أصحابَ رسول اللّه ؟ فيُقال: نعم، فيُفْتَحُ لهم، ثم يأتي على الناس زمان يغزو فيه فئامٌ من الناس، فيقال: هل فيكم من صَحِبَ من صاحبَهم؟ فيُقال: نعم، فيفتح اللّه لهم" (٧).


(١) في المسند (٣/ ٣١٧).
(٢) في المسند: ثم أمسك.
(٣) في المسند: حَثوًا، وكلاهما صحيح، والحثو: الحفن باليد، وهو دليل على كثرة المال والسخاء.
(٤) رواه في صحيحه رقم (٢٩١٣) في الفتن وأشراط الساعة.
(٥) حديث المواقيت المكانية رواه البخاري في صحيحه رقم (١٥٢٤) في الحج، عن ابن عباس، و (١٥٢٢) في الحج عن ابن عمر، ومسلم في صحيحه رقم (١١٨١) في الحج، عن ابن عباس و (١١٨٢) في الحج عن ابن عمر.
(٦) رواه مسلم في صحيحه رقم (١١٨٣) (١٨) في الحج.
(٧) رواه البخاري في صحيحه رقم (٢٨٩٧) في الجهاد، ومسلم في صحيحه رقم (٢٥٣٢) في فضائل الصحابة.