للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وثبت في الصحيحين، من حديث ثور بن زيد، عن أبي الغيث، عن أبي هريرة، قال: كنا جلوسًا عند رسول الله فأُنزلتْ عليه سورةُ الجمعة ﴿وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ﴾ [الجمعة: ٣] فقال رجلٌ: مَن هؤلاء يا رسولَ الله؟ فوضَعَ يدَه على سلمانَ الفارسي وقال: "لو كان الإيمانُ عند الثُّرَيَّا لنالَه رجالٌ من هؤلاء" (١) وهكذا وقع كما أخبر به .

وروى الحافظُ البيهقيّ من حديث محمد بن عبد الرحمن بن عِرْقٍ، عن عبد اللّه بن بُسْرٍ، قال: قال رسول اللّه : "والذي نفسي بيده لتُفتحنَّ عليكم فارسُ والروم حتى يكثرَ الطعام فلا يُذكرُ عليه اسمُ اللّه ﷿ (٢).

وروى الإمام أحمد والبيهقي وابن عدي وغيرُ واحدٍ من حديث أوس بن عبد اللّه بن بريدة، عن أخيه سهل، عن أبيه عبد الله بن بُريدة بن الخصيب مرفوعًا: "ستُبعثُ بعوثٌ، فكنْ في بَعْثِ خُراسان، ثم اسكنْ مدينةَ مرو، فإنه بناها ذو القرنين، ودعا لها بالبركة، وقال: لا يُصيبُ أهلَها سوء" (٣).

وهذا الحديثُ يُعدُّ من غرائب المسند، ومنهم من يجعلُه موضوعًا، فالله أعلم (٤).

وقد تقدَّم حديث أبي هريرة (٥)، من جميع طرقه في قتال الترك، وقد وقع ذلك كما أخبر به سواء بسواء، وسيقعُ أيضًا.

وفي صحيح البخاري، من حديث شعبة، عن فُرَاتٍ القَزَّاز، عن أبي حَازمٍ، عن أبي هريرة، عن رسول الله قال: "كانت بنو إسرائيلَ تسوسُهم الأنبياءُ، كلما هلكَ نبيٌّ خلفَه نبيٌّ، وإنه لا نبيَّ بعدي، وإنه سيكون خُلفاءُ فيَكثُرون" قالوا: فما تأمُرنا يا رسُولَ الله " قال: "فُوا ببيعةِ الأَوَّل فالأول، وأعطوهم حقَّهم، فإن الله سائلُهم عما استرعاهُم" (٦).


(١) رواه البخاري في صحيحه رقم (٤٨٩٧) في تفسير سورة الجمعة، ومسلم في صحيحه رقم (٢٥٤٦) (٢٣١) في فضائل الصحابة، وعندهما أن الرجل سأل رسول اللّه مرة أو مرتين أو ثلاثًا. وفي البخاري أنه سأل ثلاثًا.
(٢) دلائل النبوة؛ للبيهقي (٦/ ٣٣٤) بأطول مما هاهنا، والحافظ ابن كثير ذكر منه آخره، ورواه ابن ماجة في سننه رقم (٣٢٦٣) في الأطعمة، وذكره من أوله مختصرًا. وقال في الزوائد: إسناده صحيح، رجاله ثقات.
(٣) دلائل النبوة؛ للبيهقي (٦/ ٣٣٢) وهو عند الإمام أحمد في المسند (٥/ ٣٥٧) وابن عدي في "الكامل" (٢/ ٨٤١) وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (١٠/ ٦٤) وقال: رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط بنحوه، وفي إسناد أحمد والأوسط: أوس بن عبد الله، وفي إسناد الكبير: حسام بن مصك؛ مجمعٌ على ضعفهما.
(٤) العجب من الحافظ ابن حجر أنه حَسَّنه في القول المسدد (١٣٣)، وأمارات الوضع بادية عليه.
(٥) تقدم الحديث.
(٦) رواه البخاري في صحيحه رقم (٣٤٥٥) في الأنبياء، ورواه مسلم في صحيحه رقم (١٨٤٢) في الإمارة و"تسوسهم الأنبياء": يتولون أمورهم كما تفعل الأمراء والولاة بالرعية، والسيامة: القيام على الشيء بما يُصلحه.