للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: تكميلُ الثلاثين بخلافة الحسن بن علي نحوًا من ستة أشهر، حتى نزلَ عنها لمعاوية عام أربعين من الهجرة، كما سيأتي بيانه وتفصيله.

وقال يعقوبُ بن سفيان: حدَّثني محمد بن فُضيل، حَدَّثَنَا مُؤمل، حَدَّثَنَا حمَّاد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة (عن أبيه) (١)، قال: سمعتُ رسولَ اللّه يقول: "خلافة نبوة ثلاثون (٢) عامًا، ثم يُؤتي الله ملكَه مَنْ يشاء" (٣).

فقال معاوية: رضينا بالملك.

وهذا الحديث فيه ردٌّ صريح على الروافض المنكرين لخلافة الثلاثة، وعلى النواصب من بني أمية ومَن تَبِعَهم من أهل الشام، في إنكار خلافة عليّ بن أبي طالب.

فإن قيل: فما وجهُ الجمع بين حديث سفينةَ هذا، وبين حديث جابر بن سَمُرة المتقدم في صحيح مسلم: "لا يزالُ هذا الدينُ قائمًا ما كان على الناس اثنا عشرَ خليفة كلُّهم من قريش" (٤)؟ فالجوابُ: أن من الناس من قال: إن الدينَ لم يزل قائمًا حتى ولي اثنا عشر خليفة، ثم وقع تخبيطٌ بعدَهم في زمان بني أمية، وقال آخرون: بل هذا الحديث فيه بشارةٌ بوجود اثني عشرَ خليفة عادلًا من قريش، وإن لم يُوجدوا على الولاء، وإنما اتفق وقوع المُتابعة بعد النبوة في ثلاثين سنة، ثم قد كان خلفاءُ راشدون.

فمنهم عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم الأموي ، وقد نصَّ على خلافتِه وعدله وكونه من الخلفاء الراشدين، غيرُ واحد من الأئمة، حتى قال أحمدُ بن حنبل: ليس قولُ أحدٍ من التابعين حجَّة إِلَّا قول عمر بن عبد العزيز.

ومنهم من ذَكر من هؤلاء المَهدي بأمر الله العباسي. والمَهدي المُبَشِّر بوجوده في آخر الزمان منهم أيضًا بالنص على كونه من أهل البيت، واسمُه محمد بن عبد اللّه، وليس بالمنتظر في سرداب سامرا، فإن ذاك ليس بموجود بالكلية، وإنّما ينتظرُه الجهلة من الروافض.

وقد تقدَّم في الصحيحين، من حديث الزهري، عن عروة، عن عائشة؛ أن رسولَ الله قال: "لقد هممتُ أن أدعوَ أباكِ وأخاكِ وأكتبَ كتابًا لئلا يقول قائلٌ، أو يتمنى متمنٍّ" ثم قال رسولُ اللّه :


(١) سقطت من الأصل، وأثبتها من دلائل النبوة، ولا بد منها.
(٢) كذا في الأصل، وفي الدلائل: ثلاثين.
(٣) دلائل النبوة، للبيهقي (٦/ ٣٤٢).
(٤) رواه مسلم في صحيحه رقم (١٨٢٢) في الإمارة، ولفظه: لا يزالُ الدين قائمًا حتى تقوم السَّاعة، أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة، كلهم من قريش.