للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الإمام أحمد: حدَّثني وكيع، حَدَّثَنَا سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي البَخْتَريِّ، قال: قال عمَّارٌ يومَ صِفِّين: ائتوني بِشَرْبَةِ لَبَنٍ، فإنَّ رسولَ الله قال: (آخرُ شَرْبَةٍ تشربُها من الدنيا شَرْبَةُ لَبَنٍ" فشربَها ثم تقدَّم فقُتل (١). وحدَّثنا عبد الرحمن بن مَهْدي، عن سفيان، عن حبيب، عن أبي البَخْتَريِّ، أن عمَّار بن ياسر أُتي بشَرْبةِ لَبَنٍ فضحكَ، وقال: إنَّ رسول اللّه قال لي: آخرُ شراب أشربُه لَبَنٌ حتَّى أموتَ (٢).

وروى البيهقيُّ من حديث عمَّار الدُّهني، عن سالم بن أبي الجعد، عن ابن مسعود، سمعتُ رسولَ الله يقول: "إذا اختلفَ الناسُ كان ابن سُمية مع الحقّ" (٣).

ومعلومٌ أنَّ عمَّارًا كان في جيش عليٍّ يوم صِفِّين، وقتلَه أصحابُ معاوية من أهل الشام، وكان الذي تولَّى قَتْلَه رجل يُقال له أبو الغادية، رجل من أفناء الناس، وقيل: إنه صحابي. وقد ذكره أبو عمر بن عبد البر (٤) وغيره من أسماء الصحابة، وهو أبو الغادية مسلم، وقيل: يَسَار بن أزيهر الجهنيّ من قُضاعة، وقيل: مزنيٌّ، وقيل: هما اثنان (٥). سكَنَ الشام ثم صار إلى واسط، روى له أحمد حديثًا، وله عند غيره آخر، قالوا: وهو قاتل عمَّار بن ياسر. وكان يذكرُ صفة قتله لعمَّار لا يتحاشى من ذلك، وسنورد ترجمتَه عند قتله لعمَّار أيَّام معاوية في وقعة صِفِّين، وأخطأ من قال: كان بدريًا.

وقال الإمام أحمد (٦): حَدَّثَنَا يزيد بن هارون، حَدَّثَنَا العوَّام، حدَّثني أسود بن مسعود، عن حنظلةَ بن خُويلد العنزي، قال: بينما أنا عند معاوية إذ جاءَه رجلان يختصمان في رأس عمَّار، يقولُ كلُّ واحد منهما: أنا قتلتُه، فقال عبد الله بن عمرو: ليطبْ به أحدُكما لصاحبه نفسًا، فإنّي سمعتُ النَّبِيَّ يقول: "تقتله الفئة الباغية" فقال معاوية: ألا نحِّ عنا مجنونَك يا عمرو، فما بالك معنا؟! قال: إن أبي شكاني إلى رسول الله فقال: "أطعْ أباكَ ما دامَ حيًّا ولا تعصِه" فأنا معكم ولست أُقاتل.

وقال الإمام أحمد (٧): حَدَّثَنَا أبو معاويةَ، حَدَّثَنَا الأعمشُ، عن عبد الرحمن بن زياد، عن


(١) رواه أحمد في المسند (٤/ ٣١٩) والحاكم في المستدرك (٣/ ٣٨٩) وصححه وهو حديث حسن.
(٢) رواه أحمد في المسند (٤/ ٣١٩) وهو حديث حسن.
(٣) رواه البيهقيّ في الدلائل (٦/ ٤٢١) واسناده ضعيف.
(٤) الاستيعاب (٤/ ١٧٢٥).
(٥) أسد الغابة (٦/ ٢٣٧ و ٢٣٨).
(٦) في المسند (٢/ ١٦٤ و ٢٠٦) رقم (٦٥٣٨) و (٦٩٢٩)، ومن طريق يزيد ذكره المزي في تهذيب الكمال (٧/ ٤٣٧)، وهو حديث صحيح.
(٧) رواه أحمد في المسند (٢/ ١٦١) رقم (٦٤٩٩) والنسائي في خصائص على رقم (١٦٧) والبزار رقم (٣٢٨١) وهو حديث صحيح.